وَيَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ إلَى مَا سَقَطَ وُجُوبُهُ إلَى النَّدْبِ، كَنَسْخِ ثَبَاتِ الْوَاحِدِ لِلْعَشَرَةِ إلَى ثَبَاتِهِ لِلِاثْنَيْنِ، فَكَانَ ثَبَاتُهُ لِلْعَشَرَةِ مَنْدُوبًا، وَنَسْخِ وُجُوبِ قِيَامِ اللَّيْلِ، فَجُعِلَ نَدْبًا وَإِلَى مَا سَقَطَ وُجُوبُهُ إلَى الْإِبَاحَةِ كَتَرْكِ الْمُبَاشَرَةِ بِاللَّيْلِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ النَّوْمِ، إلَى مَا سَقَطَ تَحْرِيمُهُ إلَى الْإِبَاحَةِ كَزِيَارَةِ الْقُبُورِ، وَادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ. .
مَسْأَلَةٌ يَدْخُلُ النَّسْخُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ يَدْخُلُ النَّسْخُ فِي كُلِّ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فِيمَا حُسْنُهُ وَقُبْحُهُ ذَاتِيٌّ أَوْ لَازِمٌ لَهُ كَالظُّلْمِ وَالْكَذِبِ. وَوَافَقَهُمْ الصَّيْرَفِيُّ كَمَا رَأَيْته فِي كِتَابِهِ. فَقَالَ: الْأَشْيَاءُ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ النَّهْيُ عَنْهُ، وَهُوَ الِاعْتِرَافُ لِلْمُنْعِمِ بِالْإِحْسَانِ، وَلِلْخَالِقِ بِالتَّعْظِيمِ، وَاعْتِقَادُ تَوْحِيدِهِ.
وَالثَّانِي: مَحْظُورٌ لَا تَجُوزُ إبَاحَتُهُ كَإِبَاحَةِ الْكَذِبِ وَالظُّلْمِ وَنَحْوِهِ.