فصل اختلف المثبتون لمفهوم المخالفة في مواضع

الأول هل مفهوم المخالفة دليل من حيث اللفظ أو الشرع

[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِمَفْهُومِ الْمُخَالِفَة فِي مَوَاضِعَ] [الْأَوَّلُ هَلْ مَفْهُوم الْمُخَالِفَة دَلِيلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الشَّرْعُ]

فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُثْبِتُونَ لِلْمَفْهُومِ فِي مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: هَلْ هُوَ دَلِيلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ أَوْ الشَّرْعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا، حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَوَضْعُ لِسَانِ الْعَرَبِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ فِي " الْمَعَالِمِ ": لَا يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ بِحَسَبِ اللُّغَةِ، لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ الْعَامِّ. وَذَكَرَ فِي " الْمَحْصُولِ " فِي بَابِ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ، فَحَصَلَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. وَحَكَى الْإِبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالْمَفْهُومِ اخْتَلَفُوا هَلْ نَفْيُ الْحُكْمِ فِيهِ عَمَّا عَدَا الْمَنْطُوقَ بِهِ مِنْ قَبِيلِ اللَّفْظِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْنَى؟ ، كَعَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْلُوفَةِ هَلْ هُوَ مَلْفُوظٌ بِهِ؟ حَتَّى نَقُولَ: إنَّ الْعَرَبَ إذَا قَالَتْ: فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ، أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ قَائِمٌ مَقَامَ كَلَامَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وُجُوبُهَا فِي السَّائِمَةِ، وَالْآخَرُ نَفْيُهَا عَنْ الْمَعْلُوفَةِ، أَمْ نَقُولُ: إنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ اللَّفْظِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْنَى؟ قَالَ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفْظِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا خُصَّ الْمَفْهُومُ هَلْ يَبْقَى حُجَّةً فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ التَّخْصِيصِ؟ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اللَّفْظِ، فَنَعَمْ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْنَى، فَلَا. اهـ. وَهَذَا الْخِلَافُ غَرِيبٌ، وَمِمَّنْ حَكَاهُ أَيْضًا بَعْضُ شُرَّاحِ " اللُّمَعِ ". وَيَتَحَصَّلُ حِينَئِذٍ خَمْسَةُ مَذَاهِبَ: مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، مِنْ جِهَةِ الْعُرْفِ، مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ، مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015