ِ؟ وَجْهَانِ خَرَّجَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ، هَلْ يُجْزِئُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ فِي الْعُرْفِ، أَوْ لَا يُجْزِئُ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ.
قُلْت: الرَّاجِحُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوَّلًا، ثُمَّ الْعُرْفِيَّةُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ وَقَفَ أَوْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلِسَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَنْ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ فِي الزَّكَاةِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَيْعِهِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت الْهِلَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؟ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ. .
إذَا تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ الْمُسَمَّى الْعُرْفِيِّ وَاللُّغَوِيِّ، قُدِّمَ الْعُرْفِيُّ الْمُطَّرِدُ، ثُمَّ اللُّغَوِيُّ. كَذَا قَالَهُ الْأُصُولِيُّونَ. وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: مَا لَيْسَ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ، وَلَا فِي اللُّغَةِ، يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَأْخِيرِ الْعُرْفِ عَنْ اللُّغَةِ. وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ: مِنْهَا: عَدَمُ وُرُودِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَكَلَامُ الْفُقَهَاءِ فِي الضَّوَابِطِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ أَضْبَطُ، فَتُقَدَّمُ اللُّغَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَكَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ فِي أَصْلِ الْمَعْنَى، وَهُوَ فِي الْعُرْفِ أَظْهَرُ، فَيُقَدَّمُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ فِي اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْ الشَّارِعِ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى عُرْفِهِ، وَهُوَ الشَّرْعِيُّ، ثُمَّ عُرْفِ النَّاسِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُخَاطِبُهُمْ بِمَا