ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ نَاقَضَ الشَّافِعِيُّ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَسَائِلَ:
مِنْهَا: أَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُنَيْس: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» قَاضِيًا عَلَى قَضِيَّةِ مَاعِزٍ فِي اعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ مَاعِزٍ خَاصَّةٌ مُفَسَّرَةٌ، وَقَضِيَّةَ أُنَيْسٍ عَامَّةٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ: الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ مَنْسُوخٌ «بِأَكْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَحْمًا وَخُبْزًا، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ، فَنُسِخَ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ عَامٌّ فِي الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا، وَتَرْكُهُ الْوُضُوءَ مِنْهَا خَاصٌّ بِهِمَا، ثُمَّ يُنْسَخُ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ مَعَ امْتِنَاعِ وُقُوعِ النَّسْخِ فِي مِثْلِهِ بِغَيْرِ اللَّفْظِ، كَيْفَ مُنِعَ مِنْ إيجَابِ نَسْخِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ: وَإِنَّمَا تَرَكْنَا الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ لِلْقَاعِدَةِ الْأُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يَقْبَلُ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَحَمَلْنَا الْحَدِيثَ عَلَى غَسْلِ الْيَدِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ زَعَمَ (أَنَّ قَتْلَ شَارِبِ الْخَمْرِ فِي الرَّابِعَةِ)