عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ارْتَدَّتْ تُحْبَسُ وَلَا تُقْتَلُ، فَخَصَّ الْحَدِيثَ بِالرِّجَالِ، فَإِنْ قُلْنَا: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، خُصَّ عَلَى الْمُخْتَارِ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي مُخْتَصَرِ التَّقْرِيبِ ": وَقَدْ نُسِبَ ذَلِكَ إلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ الَّذِي يُقَلِّدُ الصَّحَابِيَّ فِيهِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُخَصَّصُ بِهِ، إلَّا إذَا انْتَشَرَ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَجُعِلَ ذَلِكَ نَازِلًا مَنْزِلَةَ الْإِجْمَاعِ.

وَإِنْ قُلْنَا: قَوْلُهُ: غَيْرُ حُجَّةٍ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ.

وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يُخَصُّ بِهِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَشُبْهَتُهُمْ أَنَّ الصَّحَابِيَّ الْعَدْلَ لَا يَتْرُكُ مَا سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَعْمَلُ بِخِلَافِهِ إلَّا لِنَسْخٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَلَنَا أَنَّ الْحُجَّةَ فِي اللَّفْظِ وَهُوَ عَامٌّ، وَتَخْصِيصُ الرَّاوِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَصَّهُ بِدَلِيلٍ لَا يُوَافَقُ عَلَيْهِ لَوْ ظَهَرَ، فَلَا يَتْرُكُ الدَّلَالَةَ اللَّفْظِيَّةَ الْمُحَقَّقَةَ لِمُحْتَمَلٍ.

قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَقَدْ يُخَالِفُ فِي هَذَا وَيَقُولُ: إنَّ الْقَرَائِنَ تُخَصِّصُ الْعُمُومِ، وَالرَّاوِي يُشَاهِدُ مِنْ الْقَرَائِنِ مَا لَا يُشَاهِدُهُ غَيْرُهُ، وَعَدَالَتُهُ وَتَيَقُّظُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْعُمُومَ مِمَّا لَا يُخَصُّ إلَّا بِمُوجِبٍ مِمَّا يَمْنَعُهُ أَنْ يُحْكَمَ بِالتَّخْصِيصِ إلَّا بِمُسْتَنَدٍ، وَجَهَالَتُهُ دَلَالَةَ مَا ظَنَّهُ مُخَصِّصًا عَلَى التَّخْصِيصِ يَمْنَعُ مِنْهُ مَعْرِفَتُهُ بِاللِّسَانِ، وَتَيَقُّظُهُ. اهـ. وَجَزَمَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ، وَالشَّيْخُ فِي شَرْحِ اللُّمَعِ " فِي هَذَا الضَّرْبِ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ لَا يُخَصِّصُ عُمُومَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ سُلَيْمٌ: لَا يَخُصُّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ، وَكَلَامُ مَنْ جَزَمَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنَّ تَخْرِيجَ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ أَمْ لَا، لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015