الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ، وَنَفْيِ الزَّكَاةِ عَنْ عَبِيدِ الْخِدْمَةِ، سَوَاءٌ تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ مَوَارِدِ النُّصُوصِ، أَوْ مِنْ مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ. وَاحْتُجَّ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا اسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَظَانِّ الْأَدِلَّةِ فَلَمْ يَظْفَرْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ فَهُوَ مُتَقَيِّدٌ بِالْقَطْعِ بِالنَّفْيِ وَالْعَمَلِ بِهِ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِلْإِجْمَاعِ الدَّالِّ عَلَى نَصٍّ بَلَغَهُمْ عَنْ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنَّكُمْ إذَا لَمْ تَجِدُوا دَلِيلَ الثُّبُوتِ فَاجْزِمُوا بِالنَّفْيِ. فَقَدْ تَعَلَّقَ بِنَا خِطَابُ الْجَزْمِ بِالنَّفْيِ فَتَوًى وَعَمَلًا، وَلَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ غَيْرُ هَذَا. وَأَيْنَ هَذَا مِنْ عَدَمِ الْحُكْمِ قَبْلَ الشَّرْعِ؟ . قَالَ: وَهَذَا النَّفْيُ مُمْكِنٌ تَلَقِّيهِ مِنْ النَّصِّ أَوْ الْإِجْمَاعِ. فَأَمَّا مِنْ الْقِيَاسِ فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ النَّفْيُ لِعَدَمِ الْمُقْتَضِي لَمْ يَجُزْ فِيهِ قِيَاسُ الْعِلَّةِ. وَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ طَرَأَ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ جَرَى فِيهِ جَمِيعُ الْأَقْيِسَةِ. وَقَالَ شَارِحُ " الْمُقْتَرَحِ " أَبُو الْعِزِّ الْمُخْتَارُ: عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ أَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا شَرْعِيًّا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ، وَالنَّفْيُ لَيْسَ فِعْلًا، لِيَكُونَ الْخِطَابُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ حُكْمًا. فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ خَبَرٌ عَنْ انْتِفَاءِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ.

وَقَوْلُنَا: " انْتِفَاءُ الْحُكْمِ " إشَارَةٌ إلَى انْتِفَاءِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ، فَلَا يَكُونُ حُكْمًا، وَمَا احْتَجَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِوُجُوبِ الْفَتْوَى بِالنَّفْيِ، وَهُوَ حُكْمُ الْوُجُوبِ. وَلَيْسَ مِنْ نَفْيِ الْحُكْمِ سَبِيلٌ، فَإِنْ تَعَلَّقَ التَّكْلِيفُ لَنَا بِالنَّفْيِ مَعَ أَنَّ النَّفْيَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ بِسَدِيدٍ، فَهَذِهِ مُغَالَطَةٌ مِنْهُ لَا تَخْفَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015