{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} [الحجر: 30] قَالَ: وَالتَّأْكِيدُ لَا يُزِيلُ احْتِمَالَ اللَّفْظِ، وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْهُ اسْتِثْنَاءٌ، وَبِالْجَوَازِ أَيْضًا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ كِتَابِهِمَا.
ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْمُؤَكَّدِ، وَهَذَا غَلَطٌ لِوُجُودِ الِاحْتِمَالِ بَعْدَ التَّأْكِيدِ كَوُجُودِهِ مِنْ قَبْلُ. اهـ.
وَهَذَا نَظِيرُ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ أَيْضًا فِي جَوَازِ نَسْخِ الْحُكْمِ الْمُقَيَّدِ بِالْأَبَدِيَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْهِنْدِيِّ فِي بَابِ النَّسْخِ أَنَّهُ إجْمَاعٌ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ
إذَا عُطِفَ الْخَاصُّ عَلَى الْعَامِّ الْمُتَنَاوِلِ لَهُ، وَقُلْنَا: إنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْعُمُومِ، وَكَأَنَّهُ ذُكِرَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِالْخُصُوصِ، وَمَرَّةً بِالْعُمُومِ - يَجِيءُ فِي تَخْصِيصِهِ هَذَا الْخِلَافُ.
اُخْتُلِفَ فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ بَقَائِهِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ عَلَى مَذَاهِبَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَنَقَلَهُ الرَّازِيَّ وَالْآمِدِيَّ عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَصَحَّحَهُ الرَّازِيَّ. وَقَالَ فِي الْآمِدِيَّ: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَإِلَيْهِ مَال إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ.