ِ] قَالَ الْأُسْتَاذُ: اخْتَلَفُوا فِي التَّحْدِيدِ بِمَا يَجْرِي مَجْرَى التَّقْسِيمِ، فَالْمَانِعُونَ مِنْ تَرْكِيبِ الْحَدِّ مَنَعُوهُ، وَأَجَازَهُ أَكْثَرُ مَنْ أَجَازَ التَّرْكِيبَ. نَحْوَ: الْخَبَرُ مَا كَانَ صِدْقًا أَوْ كَذِبًا، وَحَقِيقَةُ الْوُجُودِ مَا كَانَ قَدِيمًا أَوْ مُحْدَثًا، وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ثَلَاثَةَ مَذَاهِبَ فِي أَنَّ التَّقْسِيمَ فِي الْحَدِّ هَلْ يُفْسِدُهُ؟ أَحَدُهَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالتَّقْسِيمُ يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ؛ لِأَنَّ حَرْفَ " أَوْ " لِلتَّرَدُّدِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِلتَّعْرِيفِ. وَالثَّانِي: لَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا وَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ. وَالثَّالِثُ: وَصَحَّحَهُ، إنْ كَانَ التَّقْسِيمُ مِنْ نَفْسِ الْحَدِّ أَفْسَدَهُ، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُ لِمَقْصُودِ الْبَيَانِ لَمْ يُفْسِدْهُ. قَالَ: وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّقْسِيمُ مِنْ نَفْسِ الْحَدِّ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا أُسْقِطَ مِنْ الْحَدِّ وَرَدَ عَلَيْهِ مَا يُبْطِلُهُ، وَمِنْهَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ تُصَدَّرَ الْحُدُودُ بِلَفْظَةِ " كُلٍّ " هَكَذَا أَطْلَقُوهُ. وَكَانَ مَقْصُودُهُمْ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ، أَيْ كُلِّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ حِينَئِذٍ يَكُونُ لِكُلِّ فَرْدٍ، فَيَكُونُ حَدًّا وَاحِدًا لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ صَادِقًا عَلَى كُلٍّ مِنْهَا. مِثَالُهُ: الْإِنْسَانُ كُلُّ حَيَوَانٍ نَاطِقٌ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَيَكُونُ الْحَدُّ مَنْطِقِيًّا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ، فَيَكُونُ حَدًّا وَاحِدًا صَادِقًا عَلَى ذَوَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. وَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّك تَكُونُ حَكَمْت عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا بِأَنَّهُ كُلُّ حَيَوَانٍ نَاطِقٌ، وَغَيْرُهُ يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ، فَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ، وَيَجِبُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ عَلَى هَذَا