مِنْهَا، كَالْحَيَوَانِ الْكَاتِبِ يَكُونُ الذَّاتُ جِنْسَهَا، وَالصِّفَةُ فَصْلَهَا مَعَ امْتِنَاعِ كَوْنِ الصِّفَةِ عِلَّةً لِلذَّاتِ لِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا، وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ تِلْكَ الْمَاهِيَّةَ اعْتِبَارِيَّةٌ، وَالْكَلَامُ فِي الْمَاهِيَّاتِ الْحَقِيقِيَّةِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الْعِلَّةِ أَحْكَامٌ: مِنْهَا: أَنَّ الْفَصْلَ الْوَاحِدَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّوْعِ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ جِنْسًا لَهُ بِاعْتِبَارٍ آخَرَ، كَمَا ظَنَّ جَمَاعَةٌ أَنَّ النَّاطِقَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ فَصْلٌ لِلْإِنْسَانِ، وَإِلَى الْمَلَكِ جِنْسٌ لَهُ، وَالْحَيَوَانُ بِالْعَكْسِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَوْ كَانَ جِنْسًا، لَكَانَ مَعْلُولًا لِلْجِنْسِ الْمَعْلُولِ لَهُ، فَيَكُونُ الْمَعْلُولُ عِلَّةً لِعِلَّتِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْفَصْلَ لَا يُقَارِنُ إلَّا جِنْسًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ لَوْ قَارَنَ جِنْسَيْنِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَلْتَئِمَ مِنْ الْفَصْلِ وَأَحَدِ الْجِنْسَيْنِ مَاهِيَّةٌ، وَمِنْهُ وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى؛ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ لِمَاهِيَّةٍ وَاحِدَةٍ جِنْسَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ يَلْزَمُ تَخَلُّفُ الْمَعْلُولِ عَنْ الْعِلَّةِ ضَرُورَةَ وُجُودِ الْفَصْلِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاهِيَّتَيْنِ، وَعَدَمِ جِنْسِ مَا لَزِمَهَا فِي الْأُخْرَى.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْفَصْلَ لَا يُقَوِّمُ إلَّا نَوْعًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ امْتِنَاعُ أَنْ يُقَارِنَهُ إلَّا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَمِنْهَا: أَنَّ الْفَصْلَ الْقَرِيبَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا، فَإِنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ لَزِمَ تَوَارُدُ عِلَّتَيْنِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِالذَّاتِ، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ تَكْثِيرَ الْفُصُولِ، وَالْحَقُّ: أَنَّ الْفَصْلَ لَا تَجُوزُ زِيَادَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ لِوُجُودِ حِصَّةِ النَّوْعِ مِنْ الْجِنْسِ، فَإِنْ كَفَى الْوَاحِدُ فِي التَّقْوِيمِ اُسْتُغْنِيَ عَنْ الْآخَرِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ فَصْلًا، وَحَيْثُ وُجِدَ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ تَعَدُّدُ الْفُصُولِ بِقَوْلِهِمْ: فَصْلٌ ثَانٍ