عَلَى جَمْعٍ أَفَادَتْ الْعُمُومَ، سَوَاءٌ كَانَ جَمْعَ تَصْحِيحٍ أَوْ جَمْعَ تَكْسِيرٍ، كَذَا قَالُوا، وَفِي تَعْمِيمِ أَبْنِيَةِ جَمْعِ التَّكْسِيرِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي لِلْقِلَّةِ نَظَرٌ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْبُدِي أَحْرَارٌ، وَلَهُ عَبِيدٌ كَثِيرُونَ أَزْيَدُ مِنْ الْعَشَرَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا اسْمُ الْجَمْعِ فَكَذَلِكَ، وَأَمَّا اسْمُ الْجِنْسِ فَكَذَاك: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 16] وَقَوْلُهُ: {فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ} [الحاقة: 10] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنَعَتْ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ الشَّامُ قَفِيزَهَا وَصَاعَهَا» ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَن مَاءَ هَذَا الْبِئْرِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي جَمِيعَ مَائِهِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ، فَكَانَ كَقَوْلِهِ: لَأَصْعَدَن إلَى السَّمَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ حَمَلَهُ عَلَى التَّبْعِيضِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَفَصَلَ الْقَرَافِيُّ بَيْنَ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ نَحْوُ مَالِي صَدَقَةٌ فَيَعُمُّ، وَبَيْنَ أَنْ يَصْدُقَ عَلَى الْجِنْسِ بِقَيْدِ الْوَحْدَةِ فَلَا يَعُمُّ، نَحْوُ عَبْدِي حُرٌّ، وَامْرَأَتِي طَالِقٌ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ ": وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ إشَارَةً لَطِيفَةً يَعْنِي فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَبِيرِ " حَيْثُ ذَكَرَ صِيَغَ الْعُمُومِ، وَذَكَرَ أَسْمَاءَ الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَالْمَوْصُولَاتِ وَالْجُمُوعِ الْمُعَرَّفَةَ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ