فِيهِ التَّعَدُّدُ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِتَعَدُّدِ اللَّوَازِمِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ، وَقُلْنَا لَيْسَ لِشَيْءٍ حَدَّانِ ذَاتِيَّانِ، فَالْمُعَارَضَةُ إبْطَالٌ. وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ فَلَا إبْطَالَ فِيهَا. وَأَمَّا الْحَدُّ اللَّفْظِيُّ فَلَا مَدْخَلَ لِلْمَنْعِ فِيهِ وَلَا لِلْمُعَارَضَةِ قَطْعًا. وَقَالَ الرَّشِيدُ الْحَوَارِيُّ. إنَّمَا تَدْخُلُهُ الْمُعَارَضَةُ بِحَدٍّ أَرْجَحَ مِنْهُ أَوْ النَّقْضُ، كَمَا لَوْ قِيلَ: حَدُّ الْغَصْبِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ عَلَى مَالٍ لِلْغَيْرِ، وَقَالَ الْخَصْمُ: بَلْ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ مَعَ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ. فَيَقُولُ: هَذَا يَبْطُلُ بِالْغَاصِبِ مِنْ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ، وَالْغَصْبُ مُحَقَّقٌ.

قَالَ: وَقَدْ يَتَكَايَسُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَيَقُولُ: الْحَدُّ لَا يُمْنَعُ بَعْدَمَا ثَبَتَ كَوْنُهُ حَدًّا، وَلَكِنْ لِمَ قُلْت: إنَّمَا ذَكَرْته حَدٌّ؟ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْقَائِلِ: الْحَدُّ لَا يُمْنَعُ أَيْ: مَا يُدَّعَى كَوْنُهُ حَدًّا لَا يُمْنَعُ، وَإِلَّا كُلُّ مَا صَحَّ كَوْنُهُ حَدًّا فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ، ثُمَّ كُلُّ دَعْوَى ادَّعَاهَا الْإِنْسَانُ وَصَحَّ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا يَقُولُهُ، فَلَا يُمْكِنُ مَنْعُهُ، فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْحَدِّ. .

[التَّنْبِيهُ] الثَّانِي [حَدُّ الشَّيْءِ بِحَدَّيْنِ فَأَكْثَرَ] مَنَعُوا أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ حَدَّانِ فَأَكْثَرُ، وَحَكَى الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي كِتَابِهِ " الْإِفَادَةِ " فِيهِ خِلَافًا، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ. قَالَ: وَلَا يَمْتَنِعُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ عِدَّةُ أَوْصَافٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْصُرُهُ، وَكَمَا قَالُوا فِي الْحَرَكَةِ: نَقْلَةٌ وَزَوَالٌ وَذَهَابٌ فِي جِهَةٍ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ التَّعَدُّدَ يُؤَدِّي إلَى الْمُنَاقَضَةِ، وَيَبْطُلُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَقًّا مَمْنُوعٌ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015