وَأَمَّا اسْمُ الْجِنْسِ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ، فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ سَوَاءٌ الِاسْمُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، أَوْ الصِّفَةُ الْمُشْتَقَّةُ كَالضَّارِبِ، وَالْمَضْرُوبِ، وَالْقَائِمِ وَالسَّارِقِ، وَالسَّارِقَةِ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَهْدِ فَخَاصٌّ، سَوَاءٌ الذِّكْرِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا} [المزمل: 15] {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] أَوْ الذِّهْنِيُّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا} [الفرقان: 27] فَإِنَّ اللَّامَ فِي الرَّسُولِ لِلْعَهْدِ، وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ فِي اللَّفْظِ.
وَإِنْ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَعْهُودٌ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
أَحَدِهَا: أَنَّهُ يُفِيدُ اسْتِغْرَاقَ الْجِنْسِ، وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي " الرِّسَالَةِ " وَ " الْبُوَيْطِيِّ " وَنَقَلَهُ أَصْحَابُهُ عَنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي " الْأُمِّ " مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] إنْكَارًا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ يَعُمُّ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا تَطَابَقَ، وَالْفُقَهَاءُ كَالْمُجْمِعِينَ عَلَيْهِ فِي اسْتِدْلَالِهِمْ بِنَحْوِ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ مَعْلُومٌ قَبْلَ دُخُولِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، فَإِذَا دَخَلَتَا وَلَا مَعْهُودَ، فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلِاسْتِغْرَاقِ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا جَدِيدًا.