فَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ قَالَ: مَسْمُوعٌ مِنْ الْعَرَبِ، أَنَّ الطَّائِفَةَ الْوَاحِدُ، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَلِأَنَّ الشَّافِعِيَّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) احْتَجَّ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة: 122] فَحَمَلَ الطَّائِفَةَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ. وَأُجِيبُ بِأَجْوِبَةٍ أَشْهُرُهَا: تَسْلِيمُ أَنَّ الطَّائِفَةَ يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ، وَحَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَابْنُ فَارِسٍ فِي " فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ " وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الطَّائِفَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النساء: 102] وَقَالَ فِي الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى. {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] فَذَكَرَهُمْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي كُلِّ الْمَوَاضِعِ، وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّهَا لَا تُطْلَقُ إلَّا عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَبِهِ صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، مِنْهُمْ الزَّمَخْشَرِيُّ، فَقَالَ: وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةٌ أَوْ