وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ: الْعَقْلُ هُوَ الْعِلْمُ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ غَيْرَ الْعِلْمِ لَكِنَّهُ عِلْمٌ عَلَى صِفَةٍ فَجَمِيعُ الْمَعْلُومَاتِ بِحِسٍّ وَغَيْرِهِ إلَيْهِ مَرْجِعُهَا، وَهُوَ يُمَيِّزُهَا وَيَقْضِي عَلَيْهَا، وَحُجَّتُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ ذَلِكَ فِي الْإِنْسَانِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ ": الْعَقْلُ هُوَ الْعِلْمُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلْمًا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ الْإِسْلَامِيِّينَ، وَبِهِ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ، وَفَرَّقَ بَعْضُ الْفَلَاسِفَةِ بَيْنَ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ، فَقَالُوا: الْعَقْلُ جَوْهَرٌ مَخْلُوقٌ فِي الْإِنْسَانِ، وَهُوَ مَرْكَزُ الْعُلُومِ، وَلَا يُسْتَفَادُ الْعَقْلُ إنَّمَا تُسْتَفَادُ الْعُلُومُ. اهـ. وَكَذَلِكَ نَقَلَ فِي كِتَابِهِ فِي الْأُصُولِ عَنْ أَهْلِ الْحَقِّ تَرَادُفَ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ. قَالَ: فَقَالُوا: وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي الْعُقُولِ لِكَثْرَةِ الْعُلُومِ وَقِلَّتِهَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الطَّبَرِيُّ: نُورٌ وَبَصِيرَةٌ فِي الْقَلْبِ مَنْزِلَتُهُ الْبَصَرُ مِنْ الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ فُورَكٍ: هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُمْتَنَعُ بِهِ مِنْ فِعْلِ الْقَبِيحِ، وَذَهَبَ الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ إلَى أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى الْمَعْرِفَةِ، وَمَثَّلَهُ بِالْبَصَرِ، وَمَثَّلَ الْعِلْمَ بِالسِّرَاجِ، فَمَنْ لَا بَصَرَ لَهُ " لَا يَنْتَفِعُ بِالسِّرَاجِ " وَمَنْ