لِتَصِحَّ الْمَعِيَّةُ وَكَمَالُ مَعْنَى الْمَعِيَّةِ فِي الْأَمْرِ الَّذِي بِهِ الِاشْتِرَاكُ فِي زَمَانِ ذَلِكَ الِاشْتِرَاكِ. وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا لِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ الَّذِي بِهِ الِاشْتِرَاكُ، وَالِاجْتِمَاعُ دُونَ زَمَانِ ذَلِكَ. فَالْأَوَّلُ: فِي أَفْعَالِ الْجَوَارِحِ وَالْعِلَاجِ نَحْوَ دَخَلْت مَعَ زَيْدٍ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 36] وَقَوْلُهُ: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} [يوسف: 12] {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ} [يوسف: 66] وَالثَّانِي: يَكْثُرُ فِي الْأَفْعَالِ الْمَعْنَوِيَّةِ نَحْوَ آمَنْت مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَتُبْت مَعَ التَّائِبِينَ وَفَهِمَتْ الْمَسْأَلَةَ مَعَ مَنْ فَهِمَهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [آل عمران: 43] {وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10] {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 46] {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] أَيْ بِالْعِنَايَةِ وَالْحِفْظِ {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8] يَعْنِي الَّذِينَ شَارَكُوهُ فِي الْإِيمَانِ، وَاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ الِاجْتِمَاعُ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْأَحْوَالِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الِاحْتِمَالَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} [الأعراف: 157] فَقِيلَ: إنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعِيَّةِ.
بَلْ: حَرْفُ إضْرَابٍ عَنْ الْأَوَّلِ وَإِثْبَاتٌ لِلثَّانِي وَتُسْتَعْمَلُ بَعْدَ النَّفْيِ وَالْإِيجَابِ، وَيَأْتِي بَعْدَهَا الْمَنْفِيُّ كَمَا يَأْتِي الْمُوجَبُ.