لا يجزئ بعد صلاة الجمعة هو المذهب الحقّ؛ لوضوح أدلته، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في اغتسال من لا تجب عليه الجمعة، كالمسافر، والنساء، والصبيان:
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختَلَفَ أهل العلم في اغتسال المسافر يوم الجمعة، فقالت طائفة: ليس على المسافر يوم الجمعة غسل، هكذا قال عطاء، وكان ابن عمر وعلقمة لا يغتسلان في السفر يوم الجمعة.
وقالت طائفة: يغتسل، وإن كان مسافرًا، روينا عن طلحة بن عُبيد اللَّه أنه اغتسل في السفر يوم الجمعة، وروي عن طاوس، ومجاهد، أنهما كانا يفعلان ذلك، وكان أبو ثور يقول: ولا يجب (?) ترك الغسل يوم الجمعة في سفر، ولا حضر.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ليس على المسافر الاغتسال يوم الجمعة؛ لأن المأمور بالاغتسال من أتى الجمعة، وليس ذلك على من لا يأتيها.
وقال أيضًا -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واختلفوا في اغتسال النساء، والصبيان، والعبيد إذا حضروا الصلاة، فكان مالك يقول: من حضر الجمعة من النساء والعبيد، فليغتسل، وقال الشافعي في النساء والعبيد، والمسافرين، وغير المحتلمين إن شهدوا الجمعة أجزأتهم، وليغتسلوا، كما يفعل بهم إذا شهدوها (?).
وقالت طائفة: إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة.
قال ابن المنذر: ظاهر قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من جاء منكم الجمعة، فليغتسل" يدلّ على أن الأمر بالاغتسال لمن أتى الجمعة، فلا معنى لاغتسال من لا يأتي الجمعة من المسافرين، وسائر من رُخّص له في التخلف عن إتيان الجمعة.
وفي حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم"، فظاهر هذا الحديث يوجب الاغتسال لليوم أتى، أو