وقال أحمد بن حنبل في قول عليّ -رضي اللَّه عنه-: "لا جمعة، ولا تشريق، إلا في مصر جامع": الأعمش لم يسمعه من سعد. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- -رَحِمَهُ اللَّهُ- مختصرًا (?).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي رجّحه الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- من وجوب الجمعة على كل جماعة في مكان، سواء كان مدينة، أو قرية بدون عدد معين، هو المذهب الراجح عندي؛ لوضوح أدلته، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): في اختلاف أهل العلم فيمن يجب عليه شهود الجمعة:

ذهبت طائفة إلى أنه تجب الجمعة على من آواه الليل إلى أهله، روي ذلك عن ابن عمر، وأبي هريرة، وأنس، والحسن، وعطاء، ونافع، وعكرمة، والحكم، والأوزاعيّ.

واحتجوا بحديث "الجمعةُ على من آواه الليل إلى أهله"، وهو حديث ضعيف جدًّا، فيه مُعارك بن عبّاد ضعيف، وعبد اللَّه بن سعيد المقبري، متروك، فلا يصح الاحتجاج به، كما قال الحافظ العراقيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وذهبت طائفة إلى أنها تجب على من سمع النداء، وبه قال الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، حكاه عنهم الترمذيّ، وحكي عن عبد اللَّه بن عمرو، ومالك.

واحتجوا بحديث: "الجمعةُ على من سمع النداء"، رواه أبو داود، وهو حديث ضعيف؛ لأن فيه عنعنةَ الوليد بن مسلم، وهو مدلّس، قاله العراقيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

وروي عن مالك أنها تلزم من سمع النداء بصوت الصيّت من سور البلد، وعن عطاء تلزم مَن على عشرة أميال، وقال الزهريّ: مَن على ستة أميال، وقال ربيعة: مَن على أربعة أميال، وروي عن مالك ثلاثة، وروي عن الشافعيّ فرسخ، وكذا روي عن أحمد.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يترجّح عندي القول بوجوبها على من سمع النداء، أو كان في قوّة من يسمع؛ لكونه داخل المدينة؛ لعموم قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015