وكذا رواه وكيع، عن إبراهيم بن طهمان، ولفظه: "إن أوّل جمعة جُمّعت في الإسلام بعد جمعة جُمّعت في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة لَجُمعة جُمّعت بجُوَاثا، قرية من قُرى البحرين". أخرجه أبو داود.
وكذلك رواه ابن المبارك، وغيره، عن إبراهيم بن طهمان.
فتبيّن بذلك أن المعافى وَهِم في إسناد الحديث ومتنه، والصواب رواية الجماعة عن إبراهيم بن طهمان.
ومعنى الحديث أن أول مسجد جُمّع فيه بعد مسجد المدينة مسجد جُوَاثا، وليس معناه أن الجمعة التي جُمّعت بجواثا كانت في الجمعة الثانية من الجمعة التي جُمّعت بالمدينة، كما قد يُفهم من بعض ألفاظ الروايات، فإن عبد القيس إنما وفَدُوا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عام الفتح، كما ذكره ابن سعد، عن عروة بن الزبير، وغيره، وليس المراد به -أيضًا- أن أوّل جمعة جُمّعت في الإسلام في مسجد المدينة، فإن أوّل جمعة جُمّعت بالمدينة في نَقيع الخَضِمَات قبل أن يقدَمَ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، وقبل أن يَبني مسجدَهُ.
يدلّ على ذلك حديث كعب بن مالك -رضي اللَّه عنه- أنه كان كلما سمع أذان الجمعة استغفر لأسعد بن زُرارة، فسأله ابنه عن ذلك؟ فقال: كان أوّل من صلى بنا صلاة الجمعة قبل مقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة في نقيع الخَضِمات في هَزْم النَّبيت من حَرَّة بني بياضة، قيل له: كم كنتم يومئذ؟ قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أربعين رجلًا، أَخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه مطوّلًا.
وروى أبو إسحاق الفَزَاريّ في كتاب "السير" له عن الأوزاعيّ، عمن حدّثه، قال: بَعَثَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مصعب بن عُمير القُرشيّ إلى المدينة قبل أن يهاجر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "اجمع مَنْ بها من المسلمين، ثم انظر اليوم الذي تُجمّر فيه اليهود لسبتها، فإذا مال النهار عن شطره، فقم فيهم، ثمّ تزلّفوا إلى اللَّه بركعتين".
قال: وقال الزهريّ، فجمّع بهم مُصعب بن عُمير في دار من دور الأنصار، فجمّع بهم، وهم بضعة عشر. قال الأوزاعيّ: وهو أول من جمّع بالناس.
قال ابن رجب: وقد أخرج الدارقطني -أظنه في "أفراده"- من رواية أحمد بن محمد بن غالب الباهلي، نا محمد بن عبد اللَّه، أبو زيد المدني، نا المغيرة بن عبد الرحمن، نا مالك، عن الزهريّ، عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن