(الثالث): يوم المزيد، وروى الطبراني في "معجمه الأوسط" بإسناد ضعيف عن أنس -رضي اللَّه عنه- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، عن جبريل -عليه السلام- أنه قال: "ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد"، ذكره في أثناء حديث طويل.
(الرابع): حج المساكين، سماه بعضهم بذلك، قال الحافظ أبو الفضل العراقي في "شرح الترمذيّ": وكأنه أخذه من الحديث الذي رواه الحارث بن أبي أُسامة في "مسنده" من رواية الضحاك بن مُزاحم، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا، والحديث ضعيف، وكان شعبة ينكر أن يكون الضحّاك سمع من ابن عباس، وقال ابن حبان: لم يشافه أحدًا من الصحابة، زعم أنه لقي ابن عباس، وقد وُهِّمَ. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم متى شُرعت الجمعة؟
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الجمعة إنما فرضت بالمدينة.
واستدلّوا على ذلك بقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الآية [الجمعة: 9]؛ لأن هذه السورة مدنيّة، وأنه لم يثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي الجمعة بمكة قبل الهجرة.
قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ونصّ الإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- على أن أول جمعة جُمّعت في الإسلام هي التي جُمّعت بالمدينة مع مصعب بن عُمير -رضي اللَّه عنه-، وكذا قال عطاء، والأوزاعيّ، وغيرهما.
وزعمت طائفة من الفقهاء أن الجمعة فُرضت بمكة قبل الهجرة، وأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصليها بمكة قبل أن يُهاجر.
واستدلّوا لذلك بما أخرجه النسائيّ في "الكبرى" (3/ 1655) من حديث مُعافَى بن عمران، عن إبراهيم بن طهمان، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: "إن أول جمعة جُمّعت بعد جمعة مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة بجُواثا بالبحرين، قرية لعبد القيس".
وقد أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من طريق أبي عامر العَقَديّ، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي جَمْرة، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: "إن أوّل جمعة جُمّعت بعد جمعة في مسجد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في مسجد عبد القيس بجُوَاثَى من البحرين".