والذين في وجه العدوّ كذلك، واستَدَلَّ بقول اللَّه تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا} إلى آخر الآية [النساء: 102]، فأعاد على كل طائفة ضمير الجمع، وأقل الجمع ثلاثة على المشهور. انتهى (?).
(فَصَلَّى) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (بالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ) لَمّا قام -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الركعة الثانية (ثَبَتَ) حال كونه (قَائِمًا، وَأَتَمُّوا) أي: أتمّت هذه الطائفة التي صلّت معه الركعة الأولى (لِأَنْفُسِهِمْ) بإضافة الركعة الثانية (ثُمَّ) بعد سلامهم من صلاتهم (انْصَرَفُوا) إلى العدّو (فَصَفُّوا) من باب نصر، يتعدّى ويلزم، والمراد هنا اللازم (وُجَاهَ الْعَدُوِّ) أي: وهم في غير حالة الصلاة، حيث انتهوا منها، وسلّموا (وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى) التي كانت مواجهة العدوّ إلى مكان الطائفة الأولى، فاقتدوا بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ) من صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي الركعة الثانية له (ثُمَّ ثَبَتَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- حال كونه (جَالِسًا) للتشهّد، ولم يخرج من صلاته بسلام (وَأَتَمُّوا) أي: الطائفة الثانية (لأَنْفُسِهِمْ) الركعة الأخرى، وجلسوا معه في التشهّد (ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ) أي: معهم؛ ليحصل لهم فضيلة التسليم معه -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما حصل للطائفة الأولى فضيلة التحريم معه، وقد صلى كل طائفة معه -صلى اللَّه عليه وسلم- ركعةً، وركعة لأنفسهم وُحدانًا، وهذه إحدى الكيفيات الثابتة في صلاة الخوف عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد اختارها الشافعيّ، وأحمد -رحمهما اللَّه تعالى- وقد تقدّم تحقيق ذلك قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث صالح بن خَوّات، عمن صلّى مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [57/ 1948] (842)، و (البخاريّ) في "المغازي" (4129)، و (أبو داود) في "الصلاة" (1238)، و (النسائيّ) في "صلاة الخوف"