الْخَوْفِ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ) أي: جعلنا خلفه صفّين (صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ) جملة في محلّ نصب على الحال، وفي الرواية التالية تعيين العدوّ الذين حاربوهم، قال: "غزونا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قومًا من جهينة، فقاتلونا قتالًا شديدًا، فلما صلّينا الظهر قال المشركون: لو مِلْنا عليهم مَيْلةً لاقتطعناهم، فأخبر جبريل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر لنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: وقالوا: إنه ستأتيهم صلاةٌ هي أحبّ إليهم من الأولاد، فلما حضرت العصر قال: صفّنا صفّين، والمشركون بيننا وبين القبلة. . . " الحديث.

وروى أحمد، وأبو داود، والنسائيّ، والبيهقيّ، وابن حبّان في "صحيحه" من حديث أبي عيّاش الزُّرَقيّ -رضي اللَّه عنه- مثل حديث جابر -رضي اللَّه عنه-، وزاد تعيين محلّ الصلاة أنها كانت بعُسفان، فالظاهر أن جابرًا -رضي اللَّه عنه- روى القصّتين معًا؛ أي: قصّة صلاة الخوف بغزوة ذات الرّقاع، وكان العدوّ فيها في غير جهة القبلة، وقصّة صلاة الخوف بغزوة عُسفان، وكان العدوّ فيها وجاه القبلة، واللَّه تعالى أعلم (?).

(فَكَبَّرَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: للدخول في الصلاة (وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا) أي: كبّر الصفان كلاهما معه -صلى اللَّه عليه وسلم- (ثُمَّ رَكَعَ) أي: بعد القراءة (وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ) أي: هبط وخرّ لأجل السجود (وَالصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ) أي: وانحدر الصفّ الذي يقرب منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو عطف على الضمير المتصّل من دون تأكيد؛ لوجود الفصل (وَقَامَ) أي: بقي قائمًا (الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ) أي: في مقابلتهم، ونحر كل شيء أوله (فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- السُّجُودَ) أي: أدّاه، وفرغ منه (وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ) أي: رفعوا رؤوسهم من السجود، وقاموا معه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الركعة الثانية (انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ، وَقَامُوا) من سجودهم (ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ) أي: إلى مكان الصفّ الأول (وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ) قيل: الحكمة في التقدّم والتأخّر حيازةُ فضيلة المعيّة في الركعة الثانية؛ جبرًا لما فاتهم من المعيّة في الركعة الأولى، واللَّه تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015