واختار داود بن عليّ وأصحابه أيضًا حديث سهل بن أبي حثمة من رواية يزيد بن رومان، وغيره، عن صالح بن خَوّات، عن سهل بن أبي حثمة.

قال: وأما أبو حنيفة وأصحابه، إلَّا أبا يوسف، فإنهم ذهبوا إلى ما رواه الثوريّ، وشريك، وزائدة، وابن فضيل، عن خُصيف، عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه، قال: صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الخوف بطائفة، وطائفة مستقبلو العدوّ، صلى بالذين وراءه ركعة وسجدتين، وانصرفوا، ولم يسلّموا، فوقفوا بإزاء العدوّ، ثم جاء الآخرون، فقاموا مقامهم، فصلى بهم ركعة، ثم سلّم، فقام هؤلاء، فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، وذهبوا، فقاموا مقام أولئك مستقبلي القبلة، ورجع أولئك إلى مقامهم، فصلّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا (?).

وروى أبو الأسود، عن عروة بن الزبير، عن مروان، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، قال: صليت مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة الخوف، فذكر مثل حديث ابن مسعود سواء (?).

وأما الثوري فخَيَّرَ في صلاة الخوف على ثلاثة أوجه:

(أحدها): حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- الذي ذهب إليه أبو حنيفة.

(والثاني): حديث أبي عياش الزُّرقي، وإليه ذهب ابن أبي ليلى جملةً، وذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه إذا كان العدوّ في القبلة.

(والثالث): حديث ثعلبة بن زَهْدَم، عن حُذيفة. انتهى كلام ابن عبد البرّ بتصرف (?).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: الحقّ أن كل ما صحّ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعله، يجوز العمل به، كما قال الإمام أحمد وغيره، وأن اختيار بعض الكيفيات يكون على حسب المصالح المترتبة عليه، فأيّ كيفية كانت أحوط في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015