"المفاتيح"، وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: كرّر طويلتين ثلاث مرّات إرادة لغاية الطول وانتهائه، ولا طول بعد ذلك عرفًا، ثم تنزّل شيئًا فشيئًا. انتهى (?).
وقال في "المرعاة": وإنما بولغ في تطويلهما؛ لأن النشاط في أول الصلاة يكون أقوى، والخشوع يكون أتمّ، ومن ثمّ سُنّ تطويل الركعة الأولى على الثانية من الفريضة، قال الباجيّ: ومعنى ذلك أن آخر الصلاة مبنيّ على التخفيف عما تقدّم، ولذا شُرع هذا المعنى في الفرائض. انتهى (?).
(ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا) أي: الركعتان (دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا) أي: في الطول، وإنما كانتا دون الركعتين اللتين قبلهما؛ لأنه إذا استوفى الغاية في النشاط والخشوع أخذ في النقص شيئًا فشيئًا، فيخفّ من التطويل على سبيل التدريج (ثُمَّ صَلَّى) ثانيًا (رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا) في الطول (ثُمَّ صَلَّى) ثالثًا (رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى) رابعًا (رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ) أي: بركعة واحدة.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي ذكرته من أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أوتر بواحدة هو الظاهر الموافق لقوله: "فذلك ثلاث عشرة ركعة"، وأما تأويل بعضهم موافقة لمذهبه بأنه أوتر بثلاث، وأخرج الركعتين الخفيفتين الأوليين من البين، فلا يخفى ما فيه من التعسّف، فتبصّر.
(فَذَلِكَ) أي: مجموعِ ما ذُكر من الركعات، وفي نسخة: "فتلك"، وهي واضحة (ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةَ) فيه أن صلاته -صلى اللَّه عليه وسلم- في الليل ثلاث عشرة ركعة بلا ركعتي الفجر، وهو موافق لحديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- المتقدّم، وقد مضى البحث في هذا مستوفًى في شرح حديثه، فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث زيد بن خالد الْجُهَنيّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رضي اللَّه عنه-.