على العضو أخفّ من قليل الدلك. انتهى (?). (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (فَقُمْتُ) أي: من نومي (فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي رواية البخاريّ: "فتوضّأتُ نحوًا مما توضأ"، قال الكرمانيّ: لَمْ يقل: مثلًا؛ لأن حقيقة مماثلته -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يقدر عليها غيره. انتهي، وتُعقّب بثبوت رواية المثل، ولا يلزم من إطلاق المثلية المساواة من كل وجه. (ثُمَّ جِئْتُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخْلَفَنِي) أي: أدارني من وراء خلفه (فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى، ثُمَّ اضْطَجَعَ) أي: وضع جنبه بالأرض (فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ بِلَالٌ، فَآذَنَهُ) بالمدّ: أي: أعلمه (بالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ) من البيت إلى المسجد (فَصَلَّى الصُّبْحَ) إمامًا للناس (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) فيه دليل على أن النوم ليس حدثًا، بل مَظِنّة الحدث؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان تنام عينه، ولا ينام قلبه، فلو أحدث لَعَلِم بذلك، ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم، وربما لم يتوضأ، قال الخطابيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وإنما مُنِعَ قلبُهُ النوم، لِيَعِيَ الوحي الذي يأتيه في منامه.

(قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة (وَهَذَا) إشارة إلى الصلاة بلا وضوء بعد النوم (لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ) الضمير للشأن؛ أي: لأن الأمر والشأن (بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تَنَامُ عَيْنَاهُ) وفي نسخة: "عينه" بالإفراد و (لَا يَنَامُ قَلْبُهُ) وفي رواية البخاريّ: قلنا لعمرو: إن ناسًا يقولون: إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تنام عينه، ولا ينام قلبه، قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير يقول: إن رؤيا الأنبياء وحي، ثم قرأ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} الآية [الصافات: 102].

قال في "الفتح": قوله: "قلنا" القائل سفيان، والحديث المذكور صحيح، وعبيد بن عمير من كبار التابعين، ولأبيه عمير بن قتادة صحبة، وقوله: "رؤيا الأنبياء وحي"، رواه مسلم مرفوعًا، قال: ووجه الاستدلال بما تلاه من جهة أن الرؤيا لو لَمْ تكن وحيًا لما جاز لإبراهيم -عَلَيْهِ السَّلَام- الإقدام على ذبح ولده. انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى بيان مسائله قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015