لطائف هذا الإسناد:
1 - (منها): أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وله فيه شيخان قَرَن بينهما.
2 - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخيه، كما أسلفته آنفًا.
3 - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمكيين، سوى عكرمة، فمدنيّ، وأما ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، فقد سكن مكة مدّة أيضًا.
4 - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ: عمرو، عن عكرمة.
5 - (ومنها): أن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- أحد العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (1696) حديثًا، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ كُرَيْبٍ) -بضم الكاف، وفتح الراء، مصغّرًا-، يُكنَى أبا رِشْدين -بكسر الراء، وسًكون الشين المعجمة، وكسر الدال المهملة، وآخره نون- مات بالمدينة سنة ثمان وتسعين، وهو من الأسماء المفردة في "الصحيحين" (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ) -رضي اللَّه عنهما- (أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ) بنت الحارث -رضي اللَّه عنهما- (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ الَلَّيْلِ) كلمة "من" هنا للابتداء، والمعنى: قام مبتدئًا من الليل، أو التقدير: قام مِن مُضِيّ زمنٍ من الليل، ويجوز أن تكون بمعنى "في" كما في قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} الآية [الجمعة: 9]؛ أي: في يوم الجمعة، والمعنى: قام في بعض الليل (فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ) بفتح الشين المعجمة، وتشديد النون: أي: القربة العتيقة (مُعَلَّقٍ) إنما ذَكّر على إرادة الجلد، أو الوعاء، وقد تقدّم في رواية مخرمة، عن كُريب بلفظ: "معلّقة" (وُضُوءًا خَفِيفًا) وفي نسخة: "مُخَفّفًا" (قَالَ) سفيان (وَصَفَ وُضُوءَهُ) أي: وصف عمرو بن دينار وضوءه -صلى اللَّه عليه وسلم- (وَجَعَلَ يُخَفِّفُهُ وَيُقَلِّلُهُ) أي: يَصِفه بالتخفيف والتقليل، وقال ابن الْمُنَيِّر: يخففه: أي: لا يُكْثِر الدلك، ويقللَّه: أي: لا يزيد على مرّة مرّة، قال: وفيه دليل على إيجاب الدلك؛ لأنه لو كان يُمكن اختصاره لاختصره، لكنه لَمْ يختصره. انتهي، وتعقّبه الحافظ، فقال: هي دعوى مردودةٌ، فإنه ليس في الخبر ما يقتضي ذلك، بل الاقتصار على سيلان الماء