عبد اللَّه بن عباس، فإن فيه: "فصلى العشاء، ثم صلى أربع ركعات بعدها، حتى لَمْ يبق في المسجد غيره، ثم انصرف"، فإنه يقتضي أن يكون صلى الأربع في المسجد، لا في البيت.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي أن حمل محمد بن نصر -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور صحيح، فقد أخرج البخاريّ رواية شعبة، عن الحكم هذه في "كتاب العلم" من "صحيحه"، وفيه التصريح بأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى أربع ركعات في البيت بعدما رجع من المسجد، ولفظه: "قال: بِتُّ في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث، زوج النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عندها في ليلتها، فصلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- العشاء، ثم جاء إلى منزله، فصلى أربع ركعات، ثم نام. . . " الحديث.
فدلّ على أنه صلى في البيت، ولا ينافيه ما رواه المنهال؛ لاحتمال أن يكون صلى في المسجد وفي البيت أيضًا، واللَّه تعالى أعلم.
قال: ورواية سعيد بن جبير أيضًا تقتضي الاقتصار على خمس ركعات بعد النوم، وفيه نظرٌ، وقد رواها أبو داود من وجه آخر، عن الحكم، وفيه: فصلى سبعًا، أو خمسًا، أوتر بهنّ، لَمْ يسلم إلَّا في آخرهنّ.
قال: وقد ظهر لي من رواية أخرى عن سعيد بن جبير ما يرفع هذا الإشكال، ويوضح أن رواية الحكم وقع فيها تقصير، فعند النسائيّ من طريق يحيى بن عباد، عن سعيد بن جبير: "فصلى ركعتين ركعتين، حتى صلى ثمان ركعات، ثم أوتر بخمس، لَمْ يجلس بينهنّ"، فبهذا يُجمَع بين رواية سعيد ورواية كريب.
وأما ما وقع في رواية عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير، عند أبي داود: "فصلى ثلاث عشرة ركعةً، منها ركعتا الفجر"، فهو نظير ما تقدّم من الاختلاف في رواية كريب.
وأما ما في روايتهما من الفصل والوصل، فرواية سعيد صريحة في الوصل، ورواية كريب مُحْتَمِلةٌ، فتُحْمَل على رواية سعيد.
وأما قوله في رواية طلحة بن نافع: "يسلِّم من كل ركعتين"، فيَحْتَمِل تخصيصه بالثمان، فيوافق رواية سعيد، ويؤيده رواية يحيى بن الجزار الآتية.
قال: ولم أر في شيء من طرق حديث ابن عباس ما يخالف ذلك؛ لأن