ركعتين"، وفي رواية عليّ بن عبد اللَّه بن عباس الآتية لمسلم التصريح بالفصل أيضًا، وأنه استاك بين كل ركعتين إلى غير ذلك.
ثم إن هذه الرواية فيها التصريح بذكر الركعتين ستّ مرات، ثم قال: "ثم أوتر"، ومقتضاه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى ثلاث عشرة ركعةً، وقد صرَّح بذلك في رواية سلمة الماضية حيث قال: "فتتامّت صلاته ثلاث عشرة ركعةً"، وفي رواية عبد ربه بن سعيد الآتية: "فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعةً"، وفي رواية محمد بن الوليد، عن كريب مثله، وزاد: "وركعتين بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح"، وهي موافقة لهذه الرواية؛ لأنه قال بعد قوله: "ثم أوتر": "فقام، فصلى ركعتين خفيفتين"، فاتّفَقَ هؤلاء على الثلاث عشرة، وصَرَّح بعضهم بأن ركعتي الفجر من غيرها.
لكن رواية شريك بن أبي نَمِر عند البخاريّ في "التفسير" عن كريب تخالف ذلك، ولفظه: "فصلى إحدى عشرة ركعةً، ثم أذَّن بلال، فصلى ركعتين، ثم خرج"، فهذا ما في رواية كريب من الاختلاف، وقد عُرِف أن الأكثر خالفوا شريكًا فيها، وروايتهم مقدمة على روايته؛ لما معهم من الزيادة، ولكونهم أحفظ منه.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: دعوى الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- تفرّد شريك بذكر إحدى عشرة ركعةً فيه نظر لا يخفي، فقد تابعه مخرمة بن سليمان عن كريب، فذكرها، وهي الرواية الآتية للمصنّف بعد حديثين، ولفظه: "قال: فصلى إحدى عشرة ركعةً، ثم احتبى حتى إني لأسمع نفسه راقدًا، فلما تبيّن له الفجر صلى ركعتين خفيفتين"، فظهر بهذا أن شريكًا لَمْ ينفرد بها، فتفطّن.
قال: وقد حَمَل بعضهم هذه الزيادة على سنة العشاء، ولا يخفى بُعْدُه، ولا سيما في رواية مخرمة في حديث الباب إلَّا إن حمل على أنه أخّر سنة العشاء حتى استيقظ، لكن يَعْكُر عليه رواية المنهال الآتية قريبًا.
وقد اختُلِف على سعيد بن جبير أيضًا: ففي "التفسير" من طريق شعبة، عن الحكم، عنه: "فصلى أربع ركعات، ثم نام، ثم صلى خمس ركعات"، وقد حَمَلَ محمد بن نصر هذه الأربع على أنها سنة العشاء؛ لكونها وقعت قبل النوم، لكن يَعْكُر عليه ما رواه هو من طريق المنهال بن عمرو، عن عليّ بن