(وَكَانَ فِي دُعَائِهِ) في جملة دعاء النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تلك الصلاة، وفي رواية البخاريّ: "وكان يقول في دعائه"، قال في "الفتح": فيه إشارة إلى أن دعاءه حينئذ كان كثيرًا، وكان هذا من جملته، ومما كان يقوله أيضًا ما يأتي: "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض. . . إلخ".
[تنبيه]: اختلفت الروايات في تعيين محلّ هذا الدعاء، فوقع في رواية شعبة، عن سلمة الآتية بلفظ: "ثم خرج إلى الصلاة، فصلّي، فجعل يقول في صلاته، أو في سجوده: اللهم اجعل في قلبي نورًا. . . إلخ"، وسيأتي من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن عليّ بن عبد اللَّه بن عبّاس، عن أبيه أنه قال هذا الدعاء، وهو ذاهب إلى صلاة الصبح، ولفظه: "فأذّن المؤذّن، فخرج إلى الصلاة، وهو يقول: اللهم اجعل. . . إلخ".
ويُمكن أن يُجمع بأنه قال هذا الدعاء حين خروجه إلى صلاة الصبح، ثم قاله في صلاته أيضًا.
ووقع في رواية الترمذيّ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ذلك حين فرغ من صلاته، ووقع عند البخاريّ في "الأدب المفرد"، من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنها-: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قام من الليل يصلي، فقضى صلاته، يُثني على اللَّه بما هو أهله، ثم يكون آخر كلامه: "اللهم اجعل في قلبي نورًا. . . " الحديث، قال الحافظ: ويُجمَع بأنه كان يقول ذلك عند القرب من فراغه. انتهى (?).
أو يقال: إنه كان يقول ذلك الدعاء بعد الفراغ من الصلاة أيضًا، قاله في "المرعاة" (?)، وهذا أقرب، واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: قال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: باعثه -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذا الدعاء، وعلى الصلاة قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى قوله: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190]-يعني الآيات التي قرأها حين استيقظ من نومه- قال: فإن الفاء الفصيحيّة تقتضي مقدّرًا يرتبط معها، تقديره: ربنا ما خلقت هذا باطلًا، بل خلقته للدلالة على معرفتك، ومن عَرَفك يجب عليه أداء طاعتك، واجتناب