(فَقَامَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنَ اللَّيْلِ) "من" بمعنى "في"، أو هي للتبعيض، كما تقدّم بيانه (فَأَتَى حَاجَتَهُ) هي البول، كما بيّنها في رواية شعبة، عن سلمة الآتية، بقوله: "فقام، فبال" (ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ) قال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا الغسل للتنظيف، والتنشيط للذِّكْر وغيره (ثُمَّ قَامَ، فَأَتَى الْقِرْبَةَ) بكسر القاف، وسكون الراء: ما يُستقى فيه الماء، قاله في "الصحاح" (?)، وقال في "القاموس": الْقِرْبَةُ بالكسر: الْوَطْبُ (?) من اللبن، وقد تكون للماء، أو هي المخروزة من جانب واحد، جمعها قِرْبَاتٌ بكسر، فسكون، وقِرِبَاتٌ بكسرتين، وقِرَبَاتٌ بكسر، ففتح، وقِرَبٌ بكسر، ففتح أيضًا، وكذلك كلُّ ما كان على فِعْلَة بكسر، فسكون، كفِقْرَة، وسِدْرةٍ، لك أن تفتح العين، وتكسر، وتُسكّن. انتهى بتصرّف (?).
(فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا) -بكسر المعجمة، وتخفيف النون، ثم قاف-: هو رِبَاط القِربة، يَشُدّ عُنُقها، فشُبِّه بما يُشْنَق به، وقيل: هو ما تُعَلَّق به، ورَجّح أبو عبيد الأول، قاله في "الفتح".
وقال النوويُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو الخيط الذي تُربط به في الوَتِد، قاله أبو عبيدة، وأبو عبيد، وغيرهما، وقيل: الوِكَاء. انتهى.
وقال الطيبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو الخيط، أو السِّيرُ الذي تُعلّق به القِرْبة، والخيط الذي يُشدّ به فمها، يقال: شَنَقَ القِرْبة، وأشنقها: إذا أوكاها، وعلّقها. انتهى (?).
(ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ) أي: بين الإفراط بالإسراف والتفريط بالتقتير، كما فسّره بقوله: (وَلَمْ يُكْثِرْ) أي: من صبّ الماء، وهو إيماء إلى عدم الإفراط، (وَقَدْ أَبْلَغَ) أي: أوصل الماء إلى ما يجب إيصاله إليه، وهو إيماء إلى