مسلم من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلي في رمضان، فجئت، فقمت إلى جنبه، فجاء رجل، فقام حتى كنا رهطًا، فلما أحسّ بنا تجوّز، ثم دخل رحله. . . " الحديث (?)، والظاهر أن هذا كان في قصة أخرى.

(فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ، إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ) هذا ظاهرٌ في أن عدم خروجه إليهم كان لهذه الخشية، لا لكون المسجد امتلأ، وضاق عن المصلين.

(أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ") بالبناء للمفعول، ونائب فعله ضمير صلاة الليل، توضّحه رواية يونس التالية، ولفظها: "ولكني خشيتُ أن تُفرض عليكم صلاة الليل، فتَعْجَزوا عنها"، وكذا هو عند البخاريّ من رواية عمرة، عن عائشة: "خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل".

وقوله: "فتعجزوا عنها"؛ أي: تشق عليكم، فتتركوها مع القدرة عليها، وليس المراد العجز الكليّ؛ لأنه يُسقط التكليف من أصله.

ثم إن ظاهر هذا الحديث أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- توقع تَرَتُّب افتراض الصلاة بالليل جماعةً على وجود المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال، وقد بناه بعض المالكية على قاعدتهم في أن الشروع مُلْزِمٌ، وفيه نظرٌ (?).

وأجاب المحبّ الطبريّ بأنه يَحْتَمِل أن يكون اللَّه عزَّ وجلَّ أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم، فأحبَّ التخفيف عنهم، فترك المواظبة، قال: ويَحْتَمِل أن يكون ذلك وقع في نفسه، كما اتَّفَقَ في بعض القُرَب التي داوم عليها، فافتُرِضَت.

وقيل: خَشِيَ أن يَظُنّ أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب، وإلى هذا الأخير نحا القرطبيّ، فقال: قوله: "فتُفْرَض عليكم"؛ أي: تظنونه فرضًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015