5 - (ومنها): أنه أصحّ أسانيد أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، على ما رُوي عن البخاريُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
6 - (ومنها): أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره، واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "مَنْ) شرطيّة (يَقُمْ) -بفتح الياء- من قام يقوم، قال في "العمدة": وهو مُتَعَدٍّ هنا، والدليل عليه ما جاء في رواية أخرى للبخاريّ ومسلم، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول لرمضان: "من قامه إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدم من ذنبه"، وفي رواية للنسائيّ: "فمن صامه، وقامه إيمانا واحتسابًا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"، قال: قوله: (لَيْلَةَ الْقَدْرِ) مفعول به لـ "يَقُم"، وليس مفعولًا فيه. انتهى (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: لم أجد في كتب اللغة التي بين يديّ أن "قام" هذا (?) يتعدّى بنفسه، والذي يظهر لي أن "ليلةَ القدر" منصوب على الظرفيّة لـ "يقم"، وأما ما احتجّ به على تعدّيه بنفسه من قوله: "قامه"، فجوابه من باب الحذف والإيصال؛ أي: قام فيه، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.
قال القرطبيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختُلِف في الْقَدَرِ الذي أُضيفت الليلة إليه، فقال ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-: الْقَدَرُ: العَظَمَةُ، من قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الآية [الأنعام: 91]؛ أي: ما عَظَّموا اللَّه حقّ عَظَمته، وقال مجاهد: الْقَدَر: تقدير الأشياء من أمور السنة، وقال ابن الفضل: يعني سَوْقَ المقادير إلى المواقيت، وقيل: قُدِّر في وقتها إنزال القرآن. انتهى (?).
وقال في "العمدة": قيل: سُمِّيت ليلة القدر؛ لما تَكتُب فيها الملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة؛ أي: يُظْهِرهم اللَّه تعالى