برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- غَفَر اللَّه له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر بنص القرآن العزيز، ذكر ذلك كله النوويّ في "شرح المهذب"، وهذا يأتي مثله هنا، فيكون مغفرةُ ما تأخر من الذنوب إما أن يراد بها العصمة من الذنوب، حتى لا يقع فيها، وإما أن يراد به تكفيرها، ولو وقع فيها، ويكون المكفَّر متقدمًا على المكفَّر، واللَّه أعلم. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن ما دلّ عليه ظاهر النصّ هو الأقرب لحمل المراد من الحديث عليه، وهو أن التكفير معناه في اللغة المحو، قال الفيّوميُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "وكفّر اللَّه عنه الذنبَ: محاه، ومنه الكفّارة؛ لأنها تكفّر الذنب". انتهى (?).
فيكون المراد بتكفير الذنب المستقبل أنه يُمْحَى إذا وقع، ولكن لا يُستبعد أن يَمُنّ اللَّه تعالى على عبده إذا صام يوم عرفة، أو قام رمضان، أو ليلة القدر، أو نحو ذلك، مما فيه تكفير ما تأخّر من الذنوب بأن يعصمه، ويحفظه من الوقوع في الذنوب، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [27/ 1779 و 1780] (759)، و (البخاريّ) في "كتاب صلاة التراويح" (2009)، و (أبو داود) في "الصلاة" (1371)، و (الترمذيّ) في "الصوم" (808)، و (النسائيّ) في "قيام الليل" (3/ 201 و 202) و"الصيام" (4/ 156) و"الإيمان" (8/ 117 و 118)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة" (1326)، و (مالك) في "الموطّأ" (1/ 113)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (7719)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 281 و 289)، و (الدارميّ) في