والحاصل أن ابن مَرْجانة غير سعيد بن يسار أبي الْحُبَاب، فإنه سعيد بن عبداللَّه، كما بيّنه مسلم هنا، فتبصّر.
ثم وجدت الحافظ أبا بكر الخطيب البغداديُّ قد أجاد الكلام في هذا الموضوع في كتاب الممتع "موضح أوهام الجمع والتفريق" (1/ 266 - 269)، أحببت إيراد كلامه، وإن كان فيه طولٌ، إلا أنه مهمّ جدًّا، وهذا الشرح موضوع لاستيفاء الفوائد المهمة بقدر المستطاع، قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:
ذكرُ وَهَم لأبي عبد اللَّه محمد بن يحيى بن فارس الذُّهْليّ.
أخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس الذهبيّ، قال: سمعت عبد اللَّه بن محمد بن زياد يقول: سمعت محمد بن يحيى يقول: سعيد بن مَرْجانة، هو سعيد بن يسار، أبو الحباب، أبوه يسار، وأمه مَرْجانة.
أخبرنا هبة اللَّه بن الحسن بن منصور الطبريّ، قال: قال محمد بن يحيى الذُّهليّ فيما أخبرنا عبيد اللَّه بن أحمد، عن أبي بكر النيسابوريّ، عنه: إن أبا الحباب سعيد بن يسار أبوه يسار، وأمه مَرْجانة.
قال لنا هبة اللَّه: وهذا خطأ ظاهرٌ، سعيد بن يسار يتميز عن سعيد بن مَرْجانة بالكنية؛ لأن كنية سعيد بن يسار أبو الْحُبَاب، وكنية سعيد بن مَرْجانة أبو عثمان، ويتميز بالولاء؛ لأن سعيد بن يسار مولى أبي مُزَرِّد، وسعيد بن مَرْجانة مولى بني عامر بن لؤيّ، ويتميز بالأب؛ لأنه هو ابن عبد اللَّه، وأمه مَرجانة.
قال الخطيب: وهذا الكلام صحيح، إلا قوله: مولى أبي مُزَرِّد، فإنه أخو أبي مُزَرِّد، واختلفوا في ولائه، ومما يتميز به سعيد بن يسار عن سعيد بن مَرجانة، ولم يذكره لنا هبة اللَّه تباين وفاتيهما، ومبلغ عمريهما، فإن سعيد بن مرجانة تقدمت وفاته على وفاة سعيد بن يسار بعشرين سنة، كما أخبرنا عليّ بن محمد بن عبد اللَّه المعدّل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدّثنا عبد اللَّه بن محمد بن أبي الدنيا، حدّثنا محمد بن سعد، قال: سعيد بن مَرجانة يكنى أبا عثمان، مولًى لقريش، كان له انقطاع إلى عليّ بن حسين، وكان له فضل. تُوُفّي سنة سبع وتسعين، وله سبع وسبعون.