في "مستخرجه" (1595)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (2/ 295)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (702)، واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين وعن اليسار.
2 - (ومنها): بيان أن اعتقاد مشروعية ما ليس مشروعًا حظٌّ من حظوظ الشيطان.
3 - (ومنها): ما قاله ابن الْمُنَيّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات، إذا رُفعت عن رُتبتها؛ لأن التيمن مستحبّ في كل شيء؛ أي: من أمور العبادة، لكن لمّا خَشِي ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته، واللَّه أعلم. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في الانصراف من الصلاة:
قال الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه": "باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال"، "وكان أنس ينفتل عن يمينه، وعن يساره، ويَعِيب على من يتوخّى، أو يتعمّد الانفتال عن يمينه". انتهى (?).
قوله: "وكان أنس بن مالك إلخ" وصله مسدَّد في "مسنده الكبير" من طريق سعيد، عن قتادة، قال: "كان أنس. . . "، فذكره، وقال فيه: "ويعيب على من يتوخى ذلك أن لا ينفتل إلا عن يمينه، ويقول: يدور كما يدور الحمار".
قال: وظاهر هذا الأثر عن أنس يخالف ما رواه مسلم، من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدّيّ، قال: سألت أنسًا كيف أنصرف إذا صليت، عن يميني، أو عن يساري؟ قال: أما أنا فأكثر ما رأيت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ينصرف عن يمينه. ويُجمع بينهما بأن أنسًا عاب من يعتقد تحتُّم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمران فجهة اليمين أولى. انتهى (?).