قال الجامع عفا اللَّه عنه: بل الأولى كونه واجبًا معيّنًا؛ لوضوح الأدلّة فيه، كما سيأتي تحقيقه -إن شاء اللَّه تعالى-.
قال: وقد اعتلُّوا لحديث عائشة -رضي اللَّه عنها- بالمشهور عنها، من أنها كانت تتمّ، وروى عطاء عنها أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يتم الصلاة في السفر ويقصر، ويصوم ويفطر، ويؤخر الظهر، ويعجل العصر، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: حديث "كان يُتمّ في السفر، ويقصر" ليس بصحيح، كما سيأتي، وإنما الصحيح، فطره، وصومه، وجمعه بين الصلاتين، فتفطّن.
قال: ومما يعارضه أيضًا حديث أنس، وأبي نَجِيح المكيّ، قال: اصطحبت أصحاب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان بعضهم يتمّ، وبعضهم يقصر، وبعضهم يصوم، وبعضهم يفطر، فلا يَعِيب هؤلاء على هؤلاء، ولا هؤلاء على هؤلاء (?).
ولم يُختَلَف في إتمام الصلاة عن عثمان وعائشة -رضي اللَّه عنهما-، فهذا هو اختلافهم في الموضع الأول. انتهى كلام ابن رُشد -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?).
وقال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في إتمام الصلاة في السفر، فرَوَينا عن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أنه قال: صلاة المسافر ركعتان، ورَوَينا عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- أنه قال: الركعتان في السفر ليستا بقصر، وقال ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-: إنها ليست بقصر، ولكنها تمام سنة الركعتين في السفر، وسئل ابن عمر عن صلاة المسافر؟ فقال: ركعتين، من خالف السنة، فقد كفر (?).