بقوله: "ذكري" ذكر أمري، وقيل: المعنى: إذا ذكرت الصلاة، فقد ذكرتني، فإن الصلاة عبادة اللَّه، فمتى ذكرها ذكر المعبود، فكأنه أراد لذكر الصلاة.
وقال التُّورِبْشتيّ: الأولى أن يْقَصد إلى وجه يوافق الآية والحديث، وكأن المعنى: أقم الصلاة لذكرها؛ لأنه إذا ذكرها ذكر اللَّه تعالى، أو يقدَّر مضاف، أي لذكر صلاتي، أو ذُكِرَ الضميرُ فيه موضع الصلاة؛ لشرفها، ذكره في "الفتح" (?).
قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما تلاوته قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}، وقد رواه قتادة -مرة-، فقال: (للذِّكْرى) ومرة، قال: {لِذِكْرِي}، كما هي القراءة المتواترة، وكان الزهري -أيضًا- يقرؤها: (للذِكْرِي).
وهذه القراءة أظهر في الدلالة على الفور؛ لأن المعنى: أدّ الصلاة حين الذكرى، والمعنى: أنه يصلي الصلاة إذا ذكرها، وبذلك فسرها أبو العالية والشعبي والنخعي، وقال مجاهد: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}: أي تذكرني. قال: فإذا صلى عبد ذكر ربه، ومعنى قوله: إن قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} - أي: لأجل ذكري بها، والصلاة إنما فُرضت ليذكر اللَّه بها، كما في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- المرفوع: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر اللَّه"، أخرجه الترمذيّ، وأبو داود.
فأوجب اللَّه تعالى على خلقه كل يوم وليلة أن يذكروه خمس مرار بالصلاة المكتوبة، فمن ترك شيئًا من ذكر اللَّه الواجب عليه سهوًا فليعد إليه إذا ذكره، كما قال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]، فقد أمره إذا نسي ربه أن يذكره بعد ذلك، فمن نسي الصلاة فقد نسي ذكر ربه، فإذا ذكر أنه نسي فليعد إلى ذكر ربه بعد نسيانه. انتهى (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.