أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يعني الحديث الماضي- أنه وقع عند رجوعهم من خيبر قريبٌ من هذه القصة.

وفي "سنن أبي داود" من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- أقبل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من الحديبية ليلًا، فنزل، فقال: "مَن يكلؤنا؟ "، فقال بلال: أنا. . . الحديث.

وفي "الموطأ" عن زيد بن أسلم مرسلًا: "عَرَّس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلةً بطريق مكة، ووَكَّل بلالًا".

وفي "مصنف عبد الرزاق" عن عطاء بن يسار مرسلًا أن ذلك كان بطريق تبوك، وللبيهقيّ في "الدلائل" نحوه من حديث عقبة بن عامر، ورَوَى مسلم من حديث أبي قتادة مُطَوّلًا -يعني الحديث الماضي- والبخاريّ مختصرًا في الصلاة قصة نومهم عن صلاة الصبح أيضًا في السفر، لكن لم يعيِّنه.

ووقع في رواية لأبي داود أن ذلك كان في غزوة جيش الأمراء.

وتَعَقَّبه ابن عبد البر بأن غزوة جيش الأمراء هي غزوة مؤتة، ولم يشهدها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو كما قال، لكن يَحْتَمِلُ أن يكون المراد بغزوة جيش الأمراء غزوة أخرى غير غزوة مؤتة.

وقد اختَلَفَ العلماء، هل كان ذلك مرةً، أو أكثر؟ أعني نومهم عن صلاة الصبح، فجزم الأَصِيليّ بأن القصة واحدةٌ.

وتعقبه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة مغايرةٌ لقصة عمران بن حصين، وهو كما قال، فإن قصة أبي قتادة فيها أن أبا بكر وعمر لم يكونا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا نام، وقصة عمران فيها أنهما كانا معه، وأيضًا فقصة عمر أن فيها أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى أيقظه عمر بالتكبير، وقصة أبي قتادة فيها أن أول من استيقظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات، ومع ذلك فالجمع بينهما ممكنٌ، لا سيما ما وقع عند مسلم وغيره أن عبد اللَّه بن رَبَاح، راوي الحديث عن أبي قتادة، ذَكَرَ أن عمران بن حصين، سمعه وهو يحدث بالحديث بطوله، فقال له: انظر كيف تحدِّث؟ فإني كنت شاهدًا القصة، قال: فما أنكر عليه من الحديث شيئًا، فهذا يدلّ على اتحادهما، لكن لمدَّعي التعدد أن يقول: يَحْتَمِل أن يكون عمران حضر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015