شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي قَتَادَةَ) الأنصاريّ -رضي اللَّه عنه-، اختُلف في اسمه، كما أسلفناه آنفًا، أنه (قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) فيه أنه يُسْتَحَبّ لأمير الجيش إذا رأى مصلحة لقومه في إعلامهم بأمر أن يَجْمَعهم كلَّهم، ويُشِيع ذلك فيهم؛ لِيَبْلُغَهم كلَّهم، ويتأهبوا له، ولا يَخُصّ به بعضهم وكبارهم؛ لأنه ربما خَفِي على بعضهم، فيَلْحَقه الضرر (?).

ثمّ بيّن تلك الخطبة بقوله: (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("إِنَّكُمْ تَسِيرُونَ عَشِيَّتَكُمْ) "العَشيّ": قيل: ما بين الزوال إلى الغروب، ومنه يقال للظهر والعصر: صلاتا الْعَشيّ، وقيل: هو آخر النهار، وقيل: الْعَشيّ من الزوال إلى الصباح، وقيل: العشيّ، والعِشَاءُ من صلاة المغرب إلى الْعَتَمَة، وعليه قول ابن فارس: العشاءان: المغرب والعَتَمة، وقال ابن الأنباريّ: الْعَشِيّة مؤنّثةٌ، وربّما أنّثتها العرب على معنى العشيّ، وقال بعضهم: الْعَشيّةُ: واحدةٌ، وجمعها عَشِيّ. انتهى (?).

وقوله: (وَلَيْلَتَكُمْ) أي تسيرون ليلتكم (وَتَأْتُونَ الْمَاءَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) فيه استحباب قولِ "إن شاء اللَّه" في الأمور المستقبلة؛ امتثالًا لأمره -عَزَّ وَجَلَّ- في قوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24] الآية (غَدًا") منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "تأتون"، و"الْغَدُ": اليوم الذي يأتي بعد يومك على إِثْرِهِ، ثم توسّعوا فيه حتى أُطلق على البعيد المُرتَقَب، وأصله غَدْوٌ، مثلُ فَلْسِ وفُلُوس، لكن حُذفت اللام، وجُعِلت الدال حرف إعراب، قال الشاعر [من الرجز]:

لَا تَقْلُوَاهَا وَادْلُوَاهَا دَلْوَا ... إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ أَخَاهُ غَدْوَا (?)

(فَانْطَلَقَ النَّاسُ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) أي لا يعطف بعض الناس على بعضهم، ولا يقف، ولا ينتظره، وأصله من ليّ العنق، قاله القرطبيّ (?).

وقال في "المصباح": لواه بدينه لَيًّا، من باب رَمَى، ولَيّانًا أيضًا: مَطَلَه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015