قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يعني به نوم الجالس المحتبي، وخطرات السنات، لا نوم المستغرق، كما قال في الحديث الآخر: "كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ينامون حتى تَخفق رؤوسهم، ثم يصلّون، ولا يتوضّؤون"، رواه مسلم، وأبو داود، والترمذيّ. انتهى (?).

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا محمول على نوم لا ينقض الوضوء، وهو نوم الجالس ممكِّنًا مقعده، وفيه دليل على أن نوم مثل هذا لا ينقض، وبه قال الأكثرون، وهو الصحيح في مذهبنا، وقد سبق إيضاح هذه المسألة في آخر "كتاب الطهارة". انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وتمام شرحه، ومسائله تقدّمت في الذي قبله، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1449] (640) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: "إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ، مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ"، قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعِ الْعَبْدِيُّ) هو: محمد بن أحمد بن نافع البصريّ، صدوقٌ، من صغار [10] مات بعد (240) (م ت س) تقدم في "الإيمان" 12/ 158.

2 - (بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ) أبو الأسود البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ [9] مات بعد (200) وقيل: قبلها (ع) تقدم في "الإيمان" 3/ 112.

3 - (حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) بن دينار، أبو سلمة البصريّ، ثقةٌ عابدٌ، أثبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015