فهي المعتمدة، ويُحْمَل ما نقص منها على تقصير بعض الرواة. انتهى (?).

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: بل الأولى والأرجح عندي ما رجحه الحافظ قبل هذا، وهو عدم دعوى الاختصار، والاقتصار في رواية الباب؛ لأن معنى "باتوا فيكم": صاروا معكم، وقد تقدم ما نقلته من عبارة الفيّومي في "المصباح" في ذلك، ويؤيِّد ذلك رواية النسائيّ المتقدمة: "ثم يعرج الذين كانوا فيكم". وهذه الرواية رواية ابن خزيمة والسَّرَّاج مُوَضِّحَة لهذا المعنى، فلا داعي لدعوى التقصير من بعض الرواة.

والحاصل أن معنى: "ثم يعرج الذين باتوا فيكم" ثم يصعد الذين كانوا معكم، سواء الذين كانوا معهم ليلًا، والذين كانوا معهم نهارًا، فيشمل السؤال الطائفتين بنصّ هذا الحديث، فلا إشكال، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]:

استَدَلَّ بعض الحنفية بهذا الحديث على استحباب تأخير صلاة العصر ليقع عروج الملائكة إذا فرغ آخر النهار.

وتُعُقِّب بأن ذلك غير لازم؛ إذ ليس في الحديث ما يقتضي أنهم لا يصعدون إلا ساعة الفراغ من الصلاة، بل جائز أن تفرغ الصلاة، ويتأخروا بعد ذلك إلى آخر النهار، ولا مانع أيضًا من أن تصعد ملائكة النهار، وبعضُ النهار بافي، وتقيم ملائكة الليل، قاله في "الفتح" (?).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا التوجيه الثاني هو الصواب، وأما الأول فلا يصحّ؛ لأن دعوى تأخرهم بعد الصلاة ينافيه قوله في الحديث: "تركناهم وهم يصلّون"، وأيضًا الاستدلال المذكور تعارضه النصوص التي تدل على استحباب تعجيل صلاة العصر، وهي صريحة تقدّم على هذا المفهوم لو سُلِّم، وقد تقدّم تحقيق ذلك في محلّه، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

وأما اعتراض العينيّ على الحافظ في هذا التوجيه فهو مجرّد اعتراض لم يستند إلى دليل، وإنما هو لشغفه في الدفاع عن مذهبه، وإن كان غير صحيح، فتبصر، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015