بحذف "إنَّ" من أوله، وأخرجه ابن خزيمة والسَّرَّاج من طريق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ: "إنَّ للَّه ملائكة يتعاقبون"، وهذه هي الطريقة التي أخرجها البزار، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" بإسناد صحيح من طريق أبي موسى، عن أبي هريرة بلفظ: "إن الملائكة فيكم يتعاقبون".
وإذا عرفت ذلك فالعزو إلى الطريق التي تتحد مع الطريق التي وقع القول فيها أولى من طريقٍ مغايرة لها، فليُعْزَ ذلك إلى تخريج البخاريّ، والنسائيّ من طريق أبي الزناد؛ لما أوضحته. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم.
(فِيكُمْ) أي المصلين، أو مطلق المؤمنين (مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ) الملائكة: جمع مَلَكٍ، واختُلِف في اشتقاقه، قيل: من الألُوكِ، وقيل: من المألُك، وقيل غير ذلك.
قال في "المصباح": ألَكَ بين القوم، ألْكًا، من بَابِ ضَرَبَ، وألُوكًا، أيضًا: تَرَسَّلَ، واسم الرِّسَالة مَألُكٌ بضم اللام، وَمَألُكَةٌ أيضًا بالهاء، ولامُها تضم وتفتح، والملائكةُ مشتقة من لفظ الألُوك، وقيل: من المَألَكِ، الواحد: ملك، وأصله مَلأك، ووزنه مَعْفَل، فنقلت حركة الهمزة إلى اللام، وسقطت، فوزنه مَعَلٌ، فإنَّ الفاء هي الهمزة، وقد سقطت، وقيل: مأخوذ من لأكَ: إذا أرسل، فَمَلأك مَفْعَل، فنقلت الحركة، وسقطت الهمزة، وهي عين، فوزنه مَفَلٌ، وقيل غير ذلك. انتهى (?).
فـ "ملائكةٌ" بالرفع فاعلُ "يتعاقبون" على كون الواو علامةً، أو بدلٌ من الضمير على جعل الواو ضميرًا، أو بيانٌ، كأنه قيل: من هم؟ فقيل: ملائكة، أو مبتدأ خبره قبله.
[تنبيه]: قيل: المراد بالملائكة هنا هم: الحفظة، نقله عياض، وغيره عن الجمهور، وتردد ابن بزيزة، وقال القرطبيّ: الأظهر عندي أنهم غيرهم، قال الحافظ: ويقوِّيه أنه لم يُنْقَل أن الحفظة يفارقون العبد، ولا أن حفظة الليل غيرُ حَفَظَة النهار، وبأنهم لو كانوا هم الحفظة لم يقع الاكتفاء في السؤال منهم عن