(قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي اللَّه عنها- (سَمِعْتُهَا) أي الآية على هذه القراءة (مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) هذا الكلامُ من عائشة -رضي اللَّه عنها- يَحْتَمِل وجهين:

[أحدهما]: أن تكون هذه اللفظة الزائدة من القرآن، ثم نُسِخَت كما أخرجه مسلم عن البراء بن عازب -رضي اللَّه عنهما- الآتي بهذا، فلعل عائشة -رضي اللَّه عنها- لم تعلم بنسخها، فأرادت إثباتها في المصحف، أو اعتقدت أنها مما نُسِخَ حكمها، وبَقِيَ تلاوتها، فأرادت إثباتها.

[الثاني]: أن تكون عائشة سمعت اللفظة من النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذَكَرَهَا على أنها من القرآن لتأكيد فضيلة العصر مع الصلاة الوسطى، كما ثبت في حديث جرير بن عبد اللَّه البَجَلِيّ -رضي اللَّه عنه- قال: كنَّا جلوسًا عند رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذ نَظَرَ إلى القمر ليلةَ البدر، فقال: "أمَا إنكم سَتَرَوْنَ ربكم، كما ترون هذا القمر، لا تُضَامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغْلَبُوا على صلاةٍ قبلَ طلوع الشمس وقبلَ غروبها -يعني العصرَ والفجرَ- ثم قرأ جرير {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} " [ق: 39]. أخرجه الجماعة، فأكَّد فضيلتها، فأرادت عائشة أن تثبتها في المصحف؛ لما ظنت أنها من القرآن، أو لأنها اعتقدت جواز إثبات غير القرآن مع القرآن، كما رُوِيَ عن أُبَيِّ بن كعب، وغيره من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- أنهم جَوَّزُوا إثبات القنوت، وبعض التفسير في المصحف، وإن لم يعتقدوه قرآنًا، واللَّه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعانُ، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [36/ 1429] (629)، و (أبو داود) في "الصلاة" (410)، و (الترمذيّ) في "التفسير" (2982)، و (النسائيّ) في "الصلاة" (472)، وفي "الكبرى" (366)، وفي "الكبرى" أيضًا في "التفسير" (11046)، و (مالك) في "الموطأ" (1/ 138)، و (أحمد) في "مسنده" (6/ 199)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (1539)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (1404)، واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015