المشركين شَغَلُوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء اللَّه، فأمر بلالًا، فأذّن، ثم أقام فصلّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ثم أقام فصلّى المغرب، ثم أقام فصلّى العشاء" (?).

قال: وبهذه الأحاديث استدَلَّ جميع العلماء على أن من فاتته صلوات قضاها مرتَّبة كما فاتته إذا ذكرها في وقت واحد، واختلفوا إذا ذَكَر صلاةً فائتةً في ضيق وقت حاضرة، هل يبدأ بالفائتة، وإن خرج وقت الحاضرة، أو يبدأ بالحاضر، أو يتخيّر، فيقدَّم أيتها شاء؟ ، ثلاثة أقوال، وبالأول قال مالك، والليث، والزهريّ، وبالثاني قال الحسن، وابن المسيِّب، وفقهاء أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي، والشافعيّ، وابن وهب من المالكيّة، وبالثالث قال أشهب من المالكيّة.

وهذا ما لم تكثُر الصلوات، فلا خلاف عند جميعهم على ما حكاه القاضي عياضٌ أنه يبدأ بالحاضرة مع الكثرة، واختلفوا في مقدار اليسير، فعن مالك قال: إن الخمس فدونها من اليسير، وقيل: الأربع فدونها، ولم يختلف المذهب أن الستّ كثير. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (?)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[1428] (628) - (وَحَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ سَلّامٍ الْكُوفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ الْيَامِيُّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ، حَتَّى احْمَرَّتِ الشَّمْسُ، أَوِ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، صَلَاةِ الْعَصْرِ، مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ، وَقُبُورَهُمْ نَارًا، أَوْ قَالَ: حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ، وَقُبُورَهُمْ نَارًا").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 - (عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ (?) الْكُوفِيُّ) أبو جعفر الكوفيّ، مولى بني هاشم، ثقةٌ [10] (ت 230) (م) تقدم في "الإيمان" 30/ 228.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015