إِنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيْرُ نَفَلْ ... وَبِإِذْنِ اللهِ رَيْثِي وَعَجَلْ
انتهى كلام الراغب (?).
(أَنَّ مِنْهُ) أي بعض الحياء (وَقَارًا، وَمِنْهُ سَكِينَةً) ولفظ البخاريّ: "إن من الحياء وقارًا، وإن من الحياء سكينةً"، وفي رواية الكشميهنيّ: "السكينة" بزيادة ألف ولام، وفي رواية أبي قتادة الْعَدَويّ الآتية: "أنّ منه سكينةً، ووقارًا لله، ومنه ضعف"، وهذه الزيادة متعينة، ومن أجلها غَضِبَ عمران - رضي الله عنه -، وإلا فليس في ذكر السكينة والوقار ما ينافي كونه خيرًا، أشار إلى ذلك ابن بطال، لكن يَحتَمِل أن يكون غَضِبَ من قوله: "منه"؛ لأن التبعيض يُفْهَمُ أن منه ما يُضَادّ ذلك، وهو قد رَوَى: "أنه كُلَّهُ خيرٌ".
وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: معنى كلام بُشَيْر: أن من الحياء ما يَحْمِل صاحبه على الوقار، بأن يُوَقِّر غيره، ويتوقّر هو في نفسه، ومنه ما يَحْمِله على أن يَسْكُن عن كثير مما يتحرك الناس فيه، من الأمور التي لا تليق بذي المروءة، ولم يُنْكِر عمران - رضي الله عنه - عليه هذا القدر، من حيث معناه، وإنما أنكره عليه من حيث إنه ساقه في مَعْرِض من يُعَارض كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكلام غيره، وقيل: إنما أنكر عليه؛ لكونه خاف أن يَخْلِط السنة بغيرها (?).
قال الحافظ رحمه الله تعالى: ولا يخفى حسن التوجيه السابق. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما وجّه به القرطبيّ رحمه الله تعالى هو الأقرب مما استحسنه الحافظ، فتأمله، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ عِمْرَانُ) - رضي الله عنه - (أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُحَدِّثُنِي عَنْ صُحُفِكَ؟ )، وفي رواية أبي قتادة الآتية: "فغَضِب عمران حتى احمرّت عيناه، وقال: ألا أراني أُحَدِّثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتعارض فيه"، وفي رواية أحمد: "وتعرض فيه بحديث الكتب"، وقد تقدّم في "مقدمة الصحيح" لبُشَير بن كعب هذا قصةٌ مع ابن عباس - رضي الله عنهما - تُشْعِرُ بأنه كان يتساهل في الأخذ عن كل مَنْ لقيه، والله