(عَنْ سَالِمٍ) بن عبد الله (عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، أنه قَالَ: (سَمِعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا) وفي الرواية التالية: "مر برجل"، وفي رواية البخاريّ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، مَرَّ عَلَى رَجُلٍ".

و"مرَّ" بمعنى: اجتاز يُعَدى بـ "على"، وبالباء، قال الحافظ: ولم أعرف اسم هذين الرجلين: الواعظ، وأخيه (يَعِظُ أَخَاهُ) من الوعظ: وهو النُّصح، والتذكير بالعواقب، وقال ابن فارس: هو التخويف، والإنذار. وقال الخليل بن أحمد: هو التذكير بالخير فيما يُرِقّ القلب. ذكره العينيّ (?).

وقال النوويّ رحمه الله تعالى: أي ينهاه عنه، ويُقبّح له فعله، ويزجره عن كثرته (?).

وقال في "الفتح": أي يَنصح، أو يُخَوِّف، أو يُذَكِّر، كذا شرحوه، والأولى أن يُشرَح بما جاء عند البخاريّ في "الأدب" من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، عن ابن شهاب، ولفظه: "يُعاتِب أخاه في الحياء، يقول: إنك لتستحي، حتى كأنه يقول: قد أضَرّ بك". انتهى.

ويحتمل أن يكون جمع له العِتاب، والوعظ، فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر، لكن الْمَخْرَجُ مُتَّحِد، فالظاهر أنه من تصرف الراوي، بحسب ما اعتقد أن كل لفظ منهما يقوم مقام الآخر. انتهى (?).

وجملة "يعظ أخاه" في محلّ جرّ صفة لـ "رجل".

وقوله: (فِي الْحَيَاءِ) متعلّق بـ "يعِظ"، و"في" سببية، فكأن الرجل كان كثير الحياء، فكان ذلك يمنعه من استيفاء حقوقه، فعاتبه أخوه على ذلك.

(فَقَالَ) أي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - للرجل الواعظ ("الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ") أي جزء من أجزاء الإيمان، ولفظ البخاريّ: "دَعْهُ، فإن الحياء من الإيمان": أي اتركه على هذا الخلق السَّنِيّ، ثم علّل أمره بالترك بما ذكره بالفاء التعليليّة، فقال: "فإن الحياء ... إلخ". أي وإذا كان الحياء، يمنع صاحبه من استيفاء حق نفسه، جَرّ له ذلك تحصيلَ أجر ذلك الحقّ، لا سيما إذا كان المتروك له مستحقًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015