حدثني موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، أنه سمع عبد اللَّه بن الزبير، يقول: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا سلّم من صلاته يقول بصوته الأعلى: "لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له. . . إلخ" (?).
إلا أنه ليس عنده كلمة "لا إله إلا اللَّه" بين قوله: "لا حول ولا قوّة إلا باللَّه"، وقولِهِ: "ولا نعبد إلّا إيّاه". وإبراهيم شيخه متكلّم فيه، وكان هو يوثّقه، والجمهور على تضعيفه، بل كذّبه بعضهم.
(فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ) أي مكتوبة، كما تقدّم تقييده في حديث المغيرة -رضي اللَّه عنه- (حِينَ يُسَلِّمُ) قيل: فيه أنه ينبغي أن يكون هذا الذكر تاليًا للسلام، مقدّمًا على غيره، لتقييد القول به بوقت التسليم.
ولا يعارض هذا ما تقدّم من حديث ثوبان، وعائشة -رضي اللَّه عنهما-؛ لإمكان حمله على أوقات مختلفة، فتارةً يقول بعد السلام ما وقع في حديث ثوبان، وعائشة -رضي اللَّه عنها-، وتارة يقول ما وقع في حديث عبد اللَّه بن الزبير -رضي اللَّه عنهما- هذا، وتارةً يقول ما تقدّم في حديث المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه-.
وعلى هذا فالسنّة أن يأتي بهذه الأذكار على سبيل البدل، لا الجمع، وقيل: يجوز الجمع بينها؛ لأنه يحتمل أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجمع بينها، ورَوَى كلُّ واحد ما سمعه منه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يخفى بُعده (?).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: لا بُعْدَ في الجمع المذكور، بل هو الظاهر؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجلس لانتظار انصراف النساء من المسجد ودخولهنّ بيوتهن، وذلك الوقت يسع أكثر من الذكر المذكور بكثير، فالظاهر أنه كان يقول أكثر من ذكر واحد، فينبغي من طال جلوسه أن يجمع بين هذه الأذكار، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
("لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) "لا" نافية للجنس، وخبرها محذوف، أي لا معبود بحقّ سواه، فلا بدّ من كلمة "بحقّ"، فلا يقدّر: لا معبود إلا اللَّه، كما يقدّره بعضهم؛ لأن المعبودات كثيرة، وإنما المراد المعبود بحقّ، وكذا لا يقدّر بـ "لا