صلاة: "اللَّهمّ ربّنا، وربّ كلّ شيء. . . " الحديث، أخرجه أبو داود، والنسائيّ (?).

وحديث صهيب -رضي اللَّه عنه- رفعه: "كان يقول إذا انصرف من الصلاة: اللَّهم أصلح لي ديني. . . " الحديث. أخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه ابن حبّان، وغير ذلك.

فإن قيل: المراد بدبر كلّ صلاة قرب آخرها، وهو التشهد.

قلنا: قد ورد الأمر بالذكر دبر كلّ صلاة، والمراد به بعد السلام إجماعًا، فكذا هذا، حتى يثبت ما يخالفه.

وقد أخرج الترمذيّ من حديث أبي أمامة -رضي اللَّه عنه-: قيل: يا رسول اللَّه أيّ الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الأخير، ودبر الصلوات المكتوبات"، وقال: حسن.

وأخرج الطبريّ من رواية جعفر بن محمد الصادق، قال: الدعاء بعد المكتوبة أفضل من الدعاء بعد النافلة، كفضل المكتوبة على النافلة.

وفَهِمَ كثير ممن لقيناه من الحنابلة أن مراد ابن القيّم نفي الدعاء بعد الصلاة مطلقًا، وليس كذلك، فإن حاصل كلامه أنه نفاه بقيد استمرار استقبال المصلي القبلة، وإيراده بعد السلام، وأما إذا انتقل بوجهه، أو قدّم الأذكار المشروعة، فلا يمتنع عنده الإتيان بالدعاء حينئذ. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو تحقيق نفيس جدًّا.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: قد تلخّص مما ذكر من الأدلّة أن الدعاء عقب الصلاة ثابت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قولًا، وفعلًا، فلا يسع أحدًا إنكاره.

وأمّا تأويل قوله: "دبر كلّ صلاة" بأنه قبل السلام؛ لأن دبر الحيوان منه، فغير مسلّم؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- علّمهم تلك الأذكار والدعوات، وأمرهم أن يجعلوها دبر كل صلاة، فلا يصحّ حمل بعضها على ما قبل السلام، كالدعوات، وبعضها على بعده، كالتسبيح، وقراءة آية الكرسيّ؛ إذ لا دليل على التفريق، ولا سيما وبعضها فيه التصريح بأنه بعد السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015