تلاوته، كما يؤيّده سجود المشركين معه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في سجود التلاوة في {وَالنَّجْمِ} وغيرها من "المفصَّل":
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختلفوا في السجود في "النجم"، فكان عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد اللَّه بن مسعود، وابن عمر -رضي اللَّه عنهم- يسجدون في "النجم"، وسئل علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- عن عزائم السجود، فذكر "النجم".
وممن رأى السجود في "النجم" سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وذهب طائفة إلى أنه ليس في "المفصَّل" سجود، وممن رُوي عنه أنه قال ذلك: ابن عباس، وأُبيّ بن كعب، والحسن البصري، وسعيد بن المسبِّب، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وطاوس، ومالك، -رضي اللَّه عنهم-.
قال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثبتت الأخبار عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سجد في المفصَّل في غير سورة منه، وبذلك نقول. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذا الذي قاله الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الحقّ عندي؛ للأحاديث الصحيحة التي ثبت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سجد فيها.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: احتج بهذا الحديث مالك، ومن وافقه، في أنه لا سجود في المفصّل، وأن سجدة "النجم"، و"إذا السماء انشقت"، و"اقرأ باسم ربك" منسوخات بهذا الحديث -يعني زيد بن ثابت -رضي اللَّه عنه- الآتي بعد هذا- وبحديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يسجد في شيء من المفصَّل منذ تحوّل إلى المدينة"، وهذا مذهب ضعيف، فقد ثبت حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، أنه قال: سجدنا مع النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في "إذا السماء انشقت"، و"اقرأ باسم ربك". رواه مسلم، وقد أجمع العلماء على أن إسلام أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- كان سنة سبع من الهجرة، فدلّ على السجود في المفصل بعد الهجرة، وأما حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- فضعيف الإسناد، لا يصح الاحتجاج به، وأما حديث زيد -رضي اللَّه عنه-