ويمكن أن يُجْمَع بأن النفي مُقَيَّد بمن ارتَدّ سُخطًا لا بسبب مراعاة خاطر رؤسائه.
ورَوَى الطبريّ من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير، أن الذي رفع التراب فسجد عليه، هو سعيد بن العاص بن أمية، أبو أُحيحة، وتبعه النَّحّاس، وذكر أبو حيان شيخ شيوخنا في "تفسيره" أنه أبو لهب، ولم يذكر مُستنده.
وقال في "الفتح" في "كتاب التفسير" عند شرح قوله: "وهو أمية بن خلف" ما خلاصته: لم يقع ذلك في رواية شعبة، وقد وافق إسرائيل على تسميته زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عند الإسماعيليّ، وهذا هو المعتمد، وعند ابن سعد أن الذي لم يسجد هو الوليد بن المغيرة، قال: وقيل: سعيد بن العاص بن أمية، قال: وقال بعضهم: كِلاهما جميعًا.
وجزم ابن بطال في "باب سجود القرآن" بأنه الوليد، وهو عجيب منه مع وجود التصريح بأنه أمية بن خلف، ولم يُقْتَل ببدر كافرًا من الذين سُمُّوا عنده غيره.
ووقع في "تفسير أبي حيّان (?) " أنه أبو لهب، وفي "شرح الأحكام لابن بزيزة" أنه منافق، ورُدّ بأن القصة وقعت بمكة بلا خلاف، ولم يكن النفاق ظهر بعدُ.
وقد جزم الواقديّ بأنها كانت في رمضان سنة خمس، وكانت المهاجرة الأولى إلى الحبشة خَرَجت في شهر رجب، فلما بلغهم ذلك رجعوا، فوجدوهم على حالهم من الكفر، فهاجروا الثانية.
ويَحْتَمِل أن يكون الأربعة لم يسجدوا، والتعميم في كلام ابن مسعود بالنسبة إلى ما اطَّلع عليه، كما قلته في المطلب، لكن لا يُفسَّر الذي في حديث ابن مسعود إلا بأمية؛ لما ذكرته. انتهى ما في "الفتح" (?)، وهو بحث نفيسٌ جدًّا.