قال: وقد توارد الحديثان على أن السجود للزيادة بعد السلام، كما هو مشهور مذهب مالك، فانتهضت حجّته، والحمد للَّه.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد سبق لك أيضًا أن الراجح موافقة ما ثبت عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه فعله سواء كان قبل السلام أو بعده، وأما ما لم يَرِد فيه النصّ فالساهي مخيّرٌ، واللَّه تعالى أعلم.

قال: وفي حديث ذي اليدين حجة لمالك على قوله: إن الحاكم إذا نَسِي حكمه، فشهد عنده عدلان بحكمه أمضاه، خلافًا لأبي حنيفة والشافعيّ في قولهما: إنه لا يُمضيه حتى يذكره، وأنه لا يَقْبَل الشهادة على نفسه، بل على غيره، وهذا إنما يَتِمّ لمالك إذا سُلِّم له أن رجوعه إلى الصلاة إنما كان لأجل الشهادة، لا لأجل تيقّنه ما كان قد نسيه. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله الإمام مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الظاهر؛ وكون رجوعه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى قول القوم هو الحقّ، وأما كونه تيقّن بنفسه، فخلاف ظاهر أحاديث الباب، فتبصّر بالإنصاف، واللَّه تعالى أعلم.

(يَجُرُّ رِدَاءَهُ) أي لكونه مستعجلًا لم يتمهّل حتى يتمكن من لبسه (حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "أَصَدَقَ هَذَا؟ ") يعني الْخِرْباق (قَالُوا: نَعَمْ) صدق فيما قاله (فَصَلَّى رَكْعَةً) وفي رواية الثقفيّ: "فصلّى الركعة التي كان ترك" (ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) أي لسهوه، وفي رواية الثقفيّ: "ثم سلّم، ثم سجد سجدتي السهو"، وفي رواية النسائيّ: "ثم سجد سجدتيها"، والمراد سجدتا السهو الذي حصل في تلك الصلاة، فإضافة السجدتين إلى ضمير الصلاة لحصولهما فيها جبرًا لها (ثُمَّ سَلَّمَ) أي تسليم التحلّل من الصلاة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015